تعتبر النظرية الوظيفية إطارا لفهم موضوعات الأسرة، حيث تواجه متطلّبات عديدة نظراً لتعدّد الاهتمامات المتاحة داخل نطاق الأسرة مثل العلاقات بين الزوج والزوجة والأبناء، وكذلك التأثيرات المنبعثة من المجتمع الكبير كالتعليم والاقتصاد والسياسة والدين والمهن على الحياة الأسريَّة وبالتالي تأثير هذه الحياة على تلك الأنساق وفي ما يلي يمككنا التطرق إلى طبيعة التواصل داخل الأسرة وتأثيره على العلاقات بين أفرادها.
التواصل العاطفي:
يقصد به توفير صلات عاطفية تربط بين كل أطراف الحياة الزوجية والأسرية وأيضا تكامل الأسرة من حيث توحد الإتجاهات والمواقف بين عناصرها والتماسك والتضامن في الوظائف والعمل المشترك.
-التواصل السلطوي:
يسعى الآباء والأمهات في هذا النمط إلى الحصول على الطاعة العمياء للأبناء دون أدنى مناقشة، باعتقادهم أن الطاعة هي أهم سلوك يجب أن يتعلمه أطفالهم، وغالبا ما يستعمل هذا النوع الأسر طريقة للعقاب الجسدي، وهي طريقة لن تكون نتيجتها سوى الخوف والتمرد، عكس توقعات الاباء والامهات.
-التواصل الديمقراطي:
هو الحل الدي يتوسط التواصل العاطفي والتواصل السلطوي وهو عبارة عن نُظم وقوانين، لكن أيضا مساحة من الحرية، ويقوم على أساس الحوار والمناقشة ، لأنه من الضروري أن نشرح للأبناء أهمية القوانين والقواعد وسبب اعتمادها، بل وإشراكهم في وضعها وتنفيذها وهذا سيعلمهم الاعتماد على النفس وضبط الذات.
-التواصل التكنولوجي:
للتكنولوجيا آثار عميقة في حياتنا وفي المجتمع، وهذا أصبح حقيقة لا جدال فيها وتقوم حولها مئات الدراسات العلمية، أحد أهم جوانب تأثير التكنولوجيا في حياتنا هو الأسرة من حيث قيمها والعلاقات بين أفرادها ووظائف كل فرد في تركيبة الأسرة وحياتها اليومية، فأول ما يخطر على بالنا هو تأثير القنوات الفضائية في القيم الأسرية سواء عند الأباء أو الابناء.
وبحديثنا عن طبيعة التواصل الاسري لابد لنا من الإشارة إلى كيفية تأثيره على الواقع الإجتماعي من خلال أنماط هذا التواصل على اعتبارأن الأطفال يتواصلون إجتماعيا داخل الأسرة المتفاعلة، وتؤثرعلى إدراك الطفل للعالم الخارجي، ومن أهم أعمدة هذه النظرية أن التفاعلات الأسرية اليومية التي تعمل مثل النماذج أو المخططات تحمل رسائل للطفل يخزنها في عقله الباطن أو ما يطلق عليها التمثيلات المعرفية والتي يستمد منها الطفل طريقة تفاعله مع العالم الخارجي، وتتطور هذه التمثيلات المعرفية من مرحلة الطفولة حتى مرحلة البلوغ، وتتجلى هذه الأنماط في ما يلي:
1- التواصل الزواجي:
ويقصد به تواصل الزوجين معاً وتفاهمها حول حياتهما الزوجية وتبادل مشاعر الود والاحترام بينهما، ويعد التواصل بين الزوجين أهم مجالات التواصل الأسري، لأهمية الزواج في بناء الأسرة وفي الإنجاب ، ودور العلاقة الزوجية في استقرار الأسرة وتماسكها.
2-التواصل الأبوي:
ويقصد به تواصل الأب مع ابنه أو ابتنه، وحوارهما معاً وتفاهمهما حول ما يريد كل منهما من الآخر، وتبادلهما مشاعر الود والاحترام و الرعاية، ويعد تواصل الأب مع أبنائه وبناته من أهم الركائز التي تقوم عليها التنشئة الاجتماعية، وبناء شخصية الابن أو الابنة.
3- التواصل الأمومي:
ويقصد به تواصل الأم مع إبنها أو ابنتها، وحوراهما معاً، وتفاهمهما حول ما يريد كل منهما من الآخر، وتبادلهما مشاعر الود والمحبة والاحترام والرعاية والحماية والاهتمام، ولايقل تواصل الأم مع أبنائها وبناتها أهمية عن التواصل الأبوي، إن لم يكن يفوقه تأثيراً في التنشئة الاجتماعية وبناء شخصية الإبن أو الابنة، وينطبق ما أشرنا عليه من إيجابيات وسليبيات في التواصل الأبوي على التواصل الأمومي، لأن الأب والأم هما الكبيران في الأسرة المهيمنان.
4- تواصل البنوة:
ويقصد به تواصل الإبن أو الإبنة مع أبيه وأمه، وحوراه معهما، وتفاهمه معهما حول ما يريد كل منهما من الآخر، وتبادل الإبن مشاعر الود والرحمة والاحترام مع والديه لاسيما عندما يبلغان كلاهما الكبر لقوله تعالى في آيته الكريمة {وَقَضَى رَبُّكَ أَلاَّ تَعْبُدُواْ إِلاَّ إِيَّاهُ وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَاناً إِمَّا يَبْلُغَنَّ عِندَكَ الْكِبَرَ أَحَدُهُمَا أَوْ كِلاَهُمَا فَلاَ تَقُل لَّهُمَآ أُفٍّ وَلاَ تَنْهَرْهُمَا وَقُل لَّهُمَا قَوْلاً كَرِيماً* وَاخْفِضْ لَهُمَا جَنَاحَ الذُّلِّ مِنَ الرَّحْمَةِ وَقُل رَّبِّ ارْحَمْهُمَا كَمَا رَبَّيَانِى صَغِيراً* رَّبُّكُمْ أَعْلَمُ بِمَا فِي نُفُوسِكُمْ إِن تَكُونُواْ صَالِحِينَ فَإِنَّهُ كَانَ لِلأوَّابِينَ غَفُوراً} أي يتواصل معهما تواصلاً جيداً ، ويتفاعل معهما تفاعلاً إيجابياً في كل الأحوال.
أما تواصل البنوة فيكون من الأبناء إلى الآباء، حيث يدير الأبناء الحوار، ويؤثرون في الآباء، لاسيما في الكبر ويسمى هذا التواصل “بر الوالدين” إذا كان التواصل جيداً، و”عقوق الوالدين” إذا كان التواصل منعدماً أو رديئاً.
5- تواصل الأخوة:
ويقصد به تفاهم الأخ أو الأخت مع أخيه أو أخته، وحوارهما معاً حول ما يريد كل منهما من الآخر، وتبادلهما مشاعر الود والاحترام والمساندة والمساعدة والمواساة
ويقدم تواصل الأخوة على رباط الدم وصلة الرحم التي تربط بين الأخ وأخيه.
-لائحة البيبيوغرافيا:
- أسالیب التواصل الأسري وعلاقته بأنماط التفاعل لدى تلامیذ المرحلة النهائیة بثانویة المدخل الغربي ـ دراسة میدانیة بمدینة أولاد عدي لقبالة – المسیلة.
- فؤاد أبو حطب ومحمد سیف: معجم علم النفس والتربیة، الهیئة العامة للشؤون المطابع الأمیریة, مصر، 1984م، ص8.
- كمال باشرة: المناخ المدرسي وعلاقته بالتوافق النفسي والاجتماعي للمراهق، مذكرة ماجستیر, قسم الصحة النفسیة ، معهد علم النفس والتربیة، جامعة وهران ،الجزائر, 2012م، ص25.
- فؤاد أبو حطب ومحمد سیف: معجم علم النفس والتربیة، الهیئة العامة للشؤون المطابع الأمیریة, مصر، 1984م، ص8 . 2 –
- جابر عوض حسن: الاتجاهات المعاصرة في دراسة الأسرة والطفولة، الاسكندرية، 2000 ،.ص(7-8).
- خليل أحمد خليل: المفاهيم الأساسية لعلم الاجتماع، دار الحداثة، مصر، 1984 ،ص60(.
- محمد حسن: الأسـرة ومشكلاتها، دار النهضة العربية، بيروت (لبنان)، 1981 ،ص02.
-عبد الكریم بكار: التواصل الأسري، دار وجوه، ط3 ,السعودیة، 2011م، ص16.