طالما عشقنا الحديث عن كرة القدم، والولع للكتابة عنها، والشغف لمداعبتها رفقة الاصدقاء في الأزقة والشوارع وملاعب القرب ولسان حالنا يزغرد وينشد بالأهداف واللّعبات والتعليقات والكلمات والهتافات التي تصنع النشوة وتعيد الحياة للحياة.
علاوة على السلاح الفتاك الذي يشعل النيران ولا يرى فيها سوى الرماد، إنها نيران التعصب ونيران العصبية ونيران نحن ولا غيرنا، فمرة نخاصمها ومرة تخاصمنا في مد وجزر، لكن حبها جعلنا نتوق إليها من جديد ونفكر فيها كل مرة ونشاهدها تسعين على تسعين…
وهكذا تضاف الجرعات الكروية والحرارة التي تشدّ الأنفاس الداخلية التي تسبق العاصفة عند كل محب وعاشق ولهان للكرة المملوءة بالهواء الذي يتنفس به المشجعون والمداعبون لها في كل بقعة خضراء على وجه الأرض.
كرة المستطيل الأخضر كرة علم وتعلم، كرة الفن والإبداع وإطلاق المواهب الشبابية كرة الرؤية المستقبلية كرة بناء الجسم وبناء العقل السليم، كرة الاحترام والتقدير كرة الأخلاق والقيم الجماعية، نعم هي كذلك ترسم وتزخرف وتلون الحياة بأبهى صور لم ولن تراها في عالم آخر غير العشب الكروي والمدرجات التي تمتلئ بالجمهور المتابع والشغوف من كل الأصناف، والذي أوقفته جائحة كوفيد 19 عن مواصلة المشوار والحضور والتشجيع وصنع الفرجة مباشرة.
ورغم ذلك هي حبيبة لا يفارقها حبيبها في كل أرض وطئتها رجلها، ويقال: “عندما تحب شيئا تفاعل معه، وحاوره، وابدع فيه، وشاهده”، وهي أغنية لا تغيب ولا يُمل من سماعها ولو لثانية واحدة، تقريبا في كل بقاع القارات السبع المتواجدة في العالم.
فهذا إن دل على شيء فيدل على الشعبية التي تحظى بها الكرة المدورة، والتي تصنع في غالب الأحيان ما لا تقدر العين على مشاهدته وإن شاهدته عاينته وسجلته، ودونته في صفحات التاريخ.
ولا ننسى المنابر الإعلامية والصحافة الرياضية، التي تعمل ليل نهار لإيصال المعلومات والقضايا والمستجدات والأحداث للقارئ والمتصفح، لقراءة ومعاينة كل ما تعرفه الساحة الرياضية على رأس كل يوم وفي كل دقيقة لرؤية عناوين جديدة.
فتطور كرة القدم وتجددها رهين بمستقبل شبابها، ومدى الوعي الذي يستبطن في عقولهم، والأفكار التي تروج في الساحات وأوساط البلدان. إن روح وجمال وفضاء كرة القدم يبعث الأمل، ويلاقي الشعوب والقلوب على اختلاف الأجناس والألوان إضافة إلى أن عالم الرياضة وخاصة كرة القدم تمنحك الترفيه وتعطيك الأخبار وتكسبك الثقافة الواسعة، فلا يمكن لغصن حلق فيه العصفور أن ينكسر، لأنه عارف بمدى كثرة الجذور التي تعاقبت عليه جميع الأجيال السابقة، وكتبت اسمها في جداريات خالدة لا يمحوها الزمن.