تنشط بمدن الشمال وخصوصا مدينة طنجة شبكة “الطالع” المتخصصة في قروض السوق السوداء، حولت حياة مواطنين إلى جحيم، بعدما منحتهم قروضا مالية بفوائد عالية، مقابل شيكات كضمانة، حيث أفرزت واقعا مأساويا يعيش فيه العديد من الضحايا الذين وجودوا أنفسهم أسرى لدى الشبكة الخطيرة المذكورة.
بعدما أُغلقت جميع الأبواب في وجهه، لجأت فاطمة (اسم مستعار) إلى تاجر بالجملة في “الخزين”، للحصول على قرض مالي بقيمة 100000آلاف درهم، على الرغم من أنه يعلم جيدا أن سعر فائدة هذا المبلغ يفوق بكثير معدلات الفائدة لدى المؤسسات البنكية المعتمدة؛ لكن عدم توفر السيدة على سيولة لسد الخصاص لمشروعها بعد تضرره بسبب جائحة كورونا وعدم توفرها على ضمانات قانونية تُخولها الاستفادة من المعاملات المالية القانونية جعلها تسقط فريسة سهلة في يد شبكة تُتاجر بمعاناة المستثمرين والفقراء على حد سواء..
يتعلق الأمر، وفقا لتصريحات استقتها جريدة الواضح الإلكترونية من ضحايا هذا النوع من “الكريدي”، بظاهرة منتشرة كثيرا بين ساكنة طنجة خصوصا وسط الطبقات الفقيرة يُطلق عليها اسم “الطالع”؛ حيث يلجأ عدد من المواطنين إلى توسل قروض مالية من قبل أشخاص نافذين مقاولين وأطباء ومهندسين وتجار كبار تمنح “كريديات” بفوائد خارج النظم القانونية وتقبل بشيكات على سبيل الضمان.
تقول فاطمة، وهي مستثمرة متوسطة، إنها أخذت قرضا بقيمة 100000 ألف درهم من تاجر يمنح قروضاً بالفوائد الذي، فتحولت حياتها إلى جحيم؛ لأنها مطالبة بسداد عشرون ألف درهم كل شهر إلى حين توفرها على مبلغ القرض وإرجاعه كاملاً إلى السيد المذكورة بدون احتساب المبلغ الشهري الذي تقدمه؛ أي أن نسبة الفائدة في الأسبوع تصل إلى 20في المائة.
وتضيف المتحدثة: “في حالة عدم أداء مبلغ الفائدة المحدد في وقته قد تتعرض للترهيب النفسي من طرف صاحب الأموال”، قبل أن تستدرك متحسرة: “عمرني
ما باقي نطوف بهاد شي من نهار دخلت ليه وأنا محنة معهم ولمخلصتيشي كيجيو يشوهوك قدام باب محلك، ولا يدفع ليك الشيك يحبسوك ويشردوك..”
ضحية أخرى تحدثت إلى الواضح عن تجربتها مع “الطالع”، الذي ما زالت تعاني منه إلى حدود اليوم، وقالت: “وليت عايشة فدوامة ديال الكريديات.. كريدي كنخلص به كريدي، والرباح ديال التجارة ديالي مكيقدنيشي نخلص الفوائد”.
وتستطرد المتحدثة: “إذا مخلصتشي في الوقت للسيد اللي عطاني الفلوس، يدفعلي الشيك ديالي اللي حطاه ضمانة عندو، وفي كل مرة كيهددني به”، وفق تعبيرها.
معطيات حصلت عليها الواضح 24 تشير إلى انتشار “الطالع” في السنوات الأخيرة في جل مدن الشمال، وتؤكد المصادر ذاتها أن هناك أناسا معروفين باتوا يمتهنون هذا النوع من الاستثمار غير القانوني الذي يضيع على خزينة الدولة أموالاً طائلة، ويؤثر أيضا على الشركات والمؤسسات المالية المهيكلة.
و “هناك حالات عديدة لجأت إلى بيع أثاث منزلها أو الانتحار بعدما عجرت عن تسديد أقساط الديون المتراكمة في أعناقها، خصوصا تلك الخارجة عن المراقبة التي تتم عن طريق التهديد وأسلوب المافيات”.
يشار إلى أن قانون مؤسسات الائتمان بالمغرب ينطوي على عقوبات جنائية في حق الأشخاص الذين يمنحون قروضا بالفوائد خارج الإطار القانوني الجاري به العمل، أو قبول شيكات على سبيل الضمان، وكذا الاستمرار في تحصيل ديون غير قانونية.