تشهد الأسواق خلال شهر رمضان حركية كبيرة، حيث يتوجه الصائمون لاقتناء كل ما يحتاجونه خلال الشهر الفضيل، وخاصة في ما يتعلق بالمواد الغذائية. على الرغم من أن النفقات في رمضان عادة ما تكون أقل مقارنة بباقي أشهر السنة، فإنه لوحظ وجود إفراط في الاستهلاك وارتفاع حجم الإنفاق، مما يؤدي إلى هدر الطعام.
يمكن تفسير هذه الظاهرة بعدة عوامل، منها الاجتماعية والتجارية، إضافةً إلى رغبة لا واعية في التعويض بعد يوم كامل من الصيام. هذه الظاهرة تؤثر على الجوانب الاقتصادية والصحية والبيئية، في ظل كميات الطعام الكبيرة التي يتم إهدارها.
قال أحد الباحثين المتخصصين في السلوك الاستهلاكي إن الإفراط في الاستهلاك يرجع بشكل أساسي إلى أسباب نفسية، حيث إن فكرة الصيام تثير ردود فعل مكافئة في الدماغ يكون لها تأثير على الرغبة في الشراء. كما أن الاعتبارات الزوجية والسوسيو-ثقافية تعزز هذا السلوك، حيث أصبحت وجبة الإفطار مناسبة للاحتفال وإظهار الكرم من خلال تقديم كميات كبيرة من الطعام.
ترتكب استراتيجيات التسويق خطأً عندما تركز على رمضان لتشجيع الاستهلاك عبر عروض ترويجية وإعلانات موجهة، مما يخلق شعورًا زائفًا بالحاجة إلى شراء منتجات قد لا تحتاجها الأسر. وبحسب دراسة أجريت، يزداد متوسط نفقات الأسر بنسبة 18.2% خلال شهر رمضان مقارنة بالأشهر الأخرى.
تشير الأرقام إلى أن نفقات الفئات الأقل يسرا ترتفع بنسبة 8.4%، بينما الفئة الاجتماعية المتوسطة 9.7%، وكذلك الفئات الأكثر يسرا بزيادة 8.9%. أما الميزانية المخصصة للتغذية، فإنها تتجاوز نسبة 17.8% خلال رمضان.
لمواجهة الإفراط في الاستهلاك، يرى البعض أنه يجب إعادة التركيز على قيم التقاسم والتضامن التي تميز هذا الشهر. تنظيم وجبات إفطار جماعية لفائدة الفئات الهشة والفقيرة يمكن أن يساعد في استعادة التوازن وتحقيق أهداف رمضان الروحية.
يتلخص الهدف في إعادة التوازن إلى سلوكيات الاستهلاك والحفاظ على القيم المثلى في رمضان، حيث يعتبر فرصة لإعادة التوازن الغذائي وتقوية الجانب الروحي.