القرية الرياضية بطنجة..مشروع ملكي واعد وإدارة محلية متعثرة
أيوب قيس المدياري
تُعتبر مباريات كرة السلة فرصة ذهبية للترويج لمدينة طنجة على عدة مستويات؛ سواء من الناحية الثقافية، الرياضية، التنظيمية أو حتى اللوجستية، فعلى الرغم من العناية السامية لصاحب الجلالة الملك محمد السادس، الذي أعطى انطلاقة مشروع القرية الرياضية، المشروع الأول من نوعه في المملكة المغربية، إلا أن بعض المسؤولين فشلوا في استيعاب دلالة هذه الإشارة من أعلى هرم الدولة، وتركت المرافق الرياضية الجديدة مهجورة، دون أي استغلال حقيقي.
اليوم، ومع عودة البطولة الوطنية لكرة السلة، شهدت القاعة المغطاة بالزياتن مواجهة بين اتحاد طنجة وجمعية سلا، وعلى الرغم من الحماسة الكبيرة من الجماهير وانتظارهم لمباراة مثيرة، فإن أرضية القاعة شكلت عقبة كبيرة أمام الفريقين لتقديم مستوى رياضي مميز، فقد تكرر مشهد انزلاق اللاعبين وسقوطهم على الأرضية غير المناسبة، مما أثر سلباً على الأداء وعلى متعة الفرجة، هذا الواقع المؤسف يعكس إهمال المسؤولين الرياضيين، من الوزارة المعنية إلى المجالس المنتخبة في طنجة، حيث فشلوا في توفير بيئة رياضية آمنة ومناسبة للاعبين.
في الجانب الآخر، يظل مشروع “القرية الرياضية” لغزًا محيرًا للكثيرين، فالقاعة الكبرى التي تحمل اسم “أرينا” ما زالت غير مستغلة من قبل الأندية الرياضية، ولا يعرف مصيرها، هل تم تخصيصها فقط للحفلات الموسيقية أم هي قاعة رياضية بالأساس؟ ورغم المطالب المتكررة من الأندية بفتح هذه القاعة أمام المنافسات الرياضية، إلا أن الاستجابة لم تأتِ، وبالتالي، أصبحت القاعة مجرد بناية مهجورة، تُستخدم بين الحين والآخر لإقامة الحفلات الموسيقية، بينما تظل مغلقة أمام الأندية والفعاليات الرياضية.
هذا يثير تساؤلات حقيقية حول الجهة التي تُصرّح بإقامة الحفلات في هذه القاعة، في الوقت الذي تحرم فيه الأندية من استغلالها لأغراض رياضية، فأين يكمن الخلل؟ هل هو في انعدام الإرادة لدى المسؤولين لدعم الرياضة في المدينة؟ أم في غياب رؤية واضحة للاستفادة من البنيات التحتية الرياضية المتاحة؟
تُظهر هذه الوضعية أن مدينة طنجة، برغم الإمكانيات الهائلة التي تتوفر عليها، لا تزال تُعاني من سوء تدبير واستغلال للمنشآت الرياضية، وبينما يبقى مشروع القرية الرياضية شاهداً على رؤية ملكية طموحة لتطوير الرياضة في المغرب، فإن التنفيذ المحلي لهذه الرؤية يحتاج إلى إعادة نظر وتدخل عاجل لضمان أن تكون هذه المرافق في خدمة الرياضة والرياضيين، بما يعكس المكانة التي تستحقها المدينة.