شهدت العديد من المؤسسات التعليمية بمديرية آسفي التابعة للأكاديمية الجهوية للتربية والتكوين بجهة مراكش-أسفي في الآونة الأخيرة، تصاعدا مقلقا في حوادث العنف التي تستهدف الأطر التربوية والإدارية. فبعد الاعتداء المؤسف الذي طال أستاذا بثانوية ابن خلدون التأهيلية، وما تبعه من اعتداء مماثل على متصرفة تربوية بثانوية الشريف الادريسي التقنية، بات السؤال المطروح بإلحاح: أين دور المديرية والأكاديمية في حماية منتسبيها؟
لم يقتصر الأمر على وقوع هذه الاعتداءات المشينة، بل تجاوزه إلى صمت مطبق وتقاعس مستمر من طرف الجهات المسؤولة، إذ بدلا من مبادرة المديرية إلى اتخاذ الإجراءات القانونية والإدارية اللازمة لحماية الأطر المتضررة، وتنصيب نفسها طرفا مدنيا في هذه القضايا للدفاع عن حقوقها وحرمة المؤسسات التعليمية، آثرت الصمت المطبق، وكأن الأمر لا يعنيها.
هذا التقاعس يثير العديد من التساؤلات المشروعة حول مدى جدية المديرية والأكاديمية في حماية نساء ورجال التعليم، ويرسخ لديهم شعورا بالإهمال والتخلي عنهم في وجه هذه التحديات الخطيرة. فكيف يمكن لأستاذ أو إداري أن يؤدي واجبه المهني على أكمل وجه وهو يشعر بأنه غير محمي من طرف المؤسسة التي ينتمي إليها؟
إن عدم تنصيب المديرية نفسها طرفا مدنيا في قضايا الاعتداء على الأطر التربوية يعد إخلالا جسيما بمسؤولياتها، وتخليا عن واجبها في الدفاع عن حقوق العاملين بقطاع التربية والتكوين.
فالتنصيب كطرف مدني ليس مجرد إجراء شكلي، بل هو تعبير عملي عن التضامن مع الضحايا، وردع للمعتدين، وتأكيد على أن المؤسسة التعليمية لن تتهاون مع أي شكل من أشكال العنف، خاصة وأن ما يزيد الطين بلة هو غياب التواصل الفعال من طرف المديرية والأكاديمية مع الرأي العام ووسائل الإعلام، حيث لم تصدرا أي بيان رسمي يوضح موقفهما من هذه الاعتداءات، أو يطمئن الأطر التربوية ويؤكد لها دعمها ومساندتها. وهو الغياب الذي يساهم في انتشار الإشاعات والتأويلات، ويزيد من حالة الاحتقان في صفوف العاملين بالقطاع الذين يعتبرون صمت المديرية والأكاديمية وتقاعسهما عن القيام بواجباتهما يعرضهم لمخاطر حقيقية، ويؤثر سلبا على المناخ التربوي وعلى جودة التعليم.