ثمة سؤال يطرح نفسه بإلحاح، ويتمحور التساؤل حول فشل حاضرة المحيط في مواكبة المدن الكبرى بالمملكة، إذ توقفت عجلات التنمية بهذه المدينة، وعجزت كل مكوناتها عن تحقيق أحلام ساكنة باتت تنتظر التحول نحو الأفضل والجميل، لكن واقعها اصطدم مع بيئة أفسدها حفارو القبور وتجار الانتخابات ومسؤولون جشعون فزادتها كيماويات آسفي ألما واختناقا…….
للإجابة عن السؤال أعلاه لابد من استحضار معطيات مهمة ترتبط بالمنظومة البشرية التي تحتضن كائنات انتخابية تعاقبت على تدبير الشأن المحلي للمدينة والإقليم معا، وخلقت لنفسها مستنقعا آسنا، من خلال عشوائية التدبير والتسيير والتلاعب في مالية المجالس المنتخبة، وهذا ما انعكست أثاره على واقع مدينة يمكن أن نقول بأنها مخذولة خذلها أبناؤها والمسؤولون المتعاقبون على كراسي المسؤولية.
وارتباطا بنفس السؤال، وبالمعطى نفسه، نتساءل كيف لمدينة أنجبت رموزا في مختلف المجالات، وخرجت من رحمها قامات شامخة في ميادين عدة (كيف) سمحت لنفسها بأن تمثلها داخل قبة البرلمان أسماء انتخابية قادمة من الأسواق الأسبوعية أو ما بات يعرف ب “الفنادقية”، ولكم في عمر الكردودي وعبد الرحيم الكوبابي وعمر محب مثالا صارخا عن هذا الزخم الغريب من هاته الكائنات التي مثلت حاضرة المحيط في الغرفتين التشريعيتين لولايات، وعمر وجودها لسنوات فغرقت المدينة في الإهمال وهؤلاء المنتخبين غارقين في الفضائح وملفات الفساد.
آسفي التي فقدت بوصلة السير نحو الأمام بعدما فقدت أمجادها كوجهة سياحية وتخلت عن مكانتها الاقتصادية بعدما أغلقت معامل التصبير أبوابها وصارت أطلالا شاهدة على زمنها الجميل، هذه المدينة لا تحلق في سمائها الملائكة، لاعتبارات متعددة أبرزها وجود العبث والفساد المستشري في دواليب بعض الإدارات، ووجود بعض جيوب مقاومة التغيير، التي ترفض وصول أناس شرفاء إلى مواقع المسؤولية لتعلن حربا قذرة عليهم، وما يتعرض له عمدة آسفي من حملة ممنهجة مثال بارز عن ما يجري.
ولا يمكن حجب شمس حقيقة الواقع بغربال، طالما أن هذا الواقع ينضح بوقائع قائمة وبحقائق ثابتة وتكرسها أحداث وملفات وقضايا ومشاريع فاشلة، وهذا ما يجري بدهاليز المجلس الإقليمي لآسفي، إلا أن رئيسه يوجد في منأى عن حملات تضاهي تلك التي يتعرض لها رئيس المجلس البلدي، مما يوحي أنه ثمة شيء يستعصي فهمه، لكنه ينجح في قلب الموازين ونثر بذور العبث على أرض خصبة بالمواجع فزادتها هذه المعادلة الغريبة وجعا. في ظل هذا الواقع تتجسد صورة قاتمة تظهر من خلالها آسفي أكثر سوادا، وهذا ما يبرز تخوفا لدى الساكنة ولدى المتتبعين من أن يستمر التلاعب بمصير هذه المدينة وبمصير مواطنيها، سيما وأن المشاريع التي تم وضعها على أرض الواقع طبعها الفشل منذ ولادتها، وخصوصا مشاريع المبادرة الوطنية للتنمية البشرية التي التهمت ملايير السنتيمات لكنها حققت الفشل وحاربت الملموس أكثر ما حاربت الهشاشة والفوارق الإجتماعية، لأنه على امتداد سنوات عجزت مصالح عمالة آسفي عن وضع تصور يعيد للمدينة والإقليم معا بريقهما الذي اختفى منذ عقود.