أثار ملف “فتاة تطوان” نقاشا واسعا من رواد مواقع التواصل الاجتماعي، منذ وهلته الأولى، وبعد قضاء محكمة تطوان الحكم عليها بشهر واحد وغرامة مالية قدرها 500 درهم، خرجت عدد من الهيئات الحقوقية مستنكرة هذا الحكم، بالقول إنها ضحية حيث تم اقتحام حياتها الخاصة والتشهير بها.
وفي هذا السياق، قالت جمعية “بيت الحكمة” إننا “نتأسف على أنه بالموازاة مع الضرر النفسي والاجتماعي لفتاة تطوان وأفراد أسرتها وطفليها، فإن ما قضت به محكمة تطوان بالسجن النافد “لهناء” لشهر واحد رغم تمتيعها بظروف التخفيف، فإن هذا الحكم الصادر بموجب القانون، لا يتماشى مع المكتسبات الدستورية للمملكة، ويلقي الضوء على ضرورة تفعيل الدستور وملاءمة مجموعة القوانين الجنائية مع الاختيارات الدستورية المغربية”.
وزادت بيت الحكمة، في بيان لها توصلت, إن “تداول الفيديو على مواقع التواصل الاجتماعي، ومطالبة النشطاء بضرورة اتخاذ إجراءات قانونية صارمة وقاسية ضد الفتاة، وتسمية الواقعة بـ”فيديو مولات الخمار” في المواقع الصحفية، لهو من تجليات ما تم رصده مؤخرا من مؤاخذات بصدد النقاش المجتمعي العام، من استغلال قضايا الحياة الخاصة والفردية في اتجاه كسب عدد المشاهدات أو اللايكات للترويج لخطابات الحقد و الكراهية”، مشيرة “ذلك في تناقض صارخ مع إحدى مرتكزات الممارسة الديمقراطية القاضية باحترام الشأن الخاص للأفراد، وخصوصا في مجال الحريات والحياة الشخصية”.
“الضحية تم اقتحام حياتها الخاصة، وهي اليوم ضحية حكم قضائي وحكم اجتماعي، إضافة لتلقيها العقاب بدل الفاعل الحقيقي”، يُردف البيان، مؤكدا في الوقت ذاته أن المجال العام، بوصفه “فضاء للحوار والتواصل، لا يمكنه أن يتحول بأي شكل من الأشكال إلى فضاء للتحريض على العنف والكراهية والدعوة إليهما، سواء كان رمزيا أو شفهيا أو ماديا، كما أن احترام توسيع هوامش الحريات والحق في الاختلاف يشكلان شرطان أساسيان لتحقيق الديمقراطية الفعلية، وترسيخ دولة الحق و القانون”.
واستنكرت الجمعية، وفق المصدر نفسه، “تنامي الدعوات إلى تطبيق “شرع اليد ” وثقافة الانتقام دون عقاب، مع استغلال الخصوصيات الشخصية والحميمية في حملات التشويه والتشهير”، واصفة الأمر بأنه “وضعية تؤسس تدريجيا لإرهاب فكري واجتماعي، وتخلق شعورا بالاضطهاد لدى المواطنين مستندين في ذلك على نصوص قانونية تقادمت صلاحيتها الاجتماعية وفقدت دستوريتها منذ 2011”.
ومن جهتها، اعتبرت فيدرالية رابطة حقوق النساء وشبكة نساء متضامنات، في بيان مشترك، أن الشابة التي ظهرت في الشريط، هي “ضحية الاستغلال و التشهير دون احترام لا للقيم الإنسانية ولا للقانون وهو مساس بحقوق النساء والعنف ضد النساء الممنهج ضدهن واستباحة الجسد النسائي”، داعية “الجهات المسؤولية إلى فتح تحقيق بشكل مستعجل ونزيه حول حيثيات الفيديو المصور وإعمال القانون والعدل حول التشهير ومتابعة كل المتورطين فيه ومساءلة كل من كان وراءه” وفق ما جاء في البيان.
واتهم البيان الحقوقي، في السياق نفسه، “مصور الفيديو” بالقول إنه “استغلال سافر لحالة الضعف والحاجة والهشاشة التي توجد عليها بما أفقدها إرادتها وحريتها أمام مستغلها جنسيا ليستعمل وسائل التواصل المعلوماتي”، مشيرا “ما تعرضت له الشابة من إهانة ومس بخصوصيتها من جرائم الاتجار بالبشر حسب الفصل 1-448 من القانون الجنائي كما تم تتميمه بموجب القانون رقم 14-27 المتعلق بمكافحة الاتجار بالبشر”.