نجوت من موت محقق اليوم..44 دقيقة قضيتها عالقة في مصعد تحت الأرض..أحسست برجة تشبه زلزالا عنيفا في البداية، ثم هوى المصعد إلى الطابق تحت أرضي بعد أن تقطعت حباله لأجد نفسي محاصرة تحت الأرض بينما الطوب يتساقط فوق رأسي…بقيت أبحث عن منفذ لأتنفس وأتجاوز حالة الهلع التي غزتني في تلك اللحظة…11 دقيقة وأنا أحاول عبثا بالضغط على جميع الأزرار إلى أن تحرك وارتفع ببضع سنتمترات…لمحت منفذا وجهت إليه أنفي وصرت أتنفس بشراهة…حاولت رفع يدي لأصل إلى غير الطوب وأضرب طلبا للنجدة…
شرعت في الاتصال بزملائي في المكتب لكن من سوء حظي كانت هواتفهم صامتة…بقيت اتصل واضرب دون جدوى.
مع الاتصال رقم 11 ردت علي زميلة وبدأت فصول النجدة…
لم أجد رقما اتصل به داخل المصعد…والحمد لله بدأ زملائي اتصلاتهم لإنقاذي…
كنت أسمع أصواتهم الممزوجة بالخوف وهم يحاولون طمأنتي…
كانت الدقائق تمر بصعوبة…الاحساس بالعزلة رهيب…رهيب جدا.
حضر رجال الأمن وبدؤوا اتصالاتهم..ثم حضرت عناصر الوقاية المدنية…حنان هل أنت بخير؟! تسمعيننا؟ لا تخافي سنقوم بإخراجك قريبا…تتنفسين؟
كانوا يحاولون ردم الحائط، يضربون بقوة لردمه..فيما عناصر أخرى لجأت إلى سطح العمارة لمحاولة رفع المصعد من أعلى…”زيد هز…لا لا يمكن غادي يعاود يطيح”، كنت أسمع محادثاتهم خلال عملية الإنقاذ…في كل مرة يخاطبونني “حنان مزيانة…تنفسي”.
فجأة سمعت صراخ زملائي: “كتشوفينا…حنا كنشوفوك”. رفعت رأسي لأجد أرجل عناصر الوقاية المدنية…صرت أعدها لإلهاء نفسي…كانت ثمانية أرجل.
بدؤوا عملية الرفع نحو الأعلى…مد إلي رجال الوقاية المدنية أيديهم وتم رفعي بقوة نحو الخارج…وجدت المكان مكتظا برجال الوقاية المدنية والأمن…زملائي…الشركة المكلفة بصيانة المصعد…يا إلهي لقد نجوت….الحمد لله
كانت 44دقيقة في الجحيم…في مصعد…فكيف يا إلهي يعيش ضحايا الزلازال ساعات وأيام تحت الركام؟! كيف يعيش أهالي غزة تحت بيوتهم التي يدكها الاح.ت.ل.ا.ل؟! الأطفال؟! الشيوخ؟!
إنهم أبطال بكل بساطة…
الحمد لله ثم الحمد لله…ثم الحمد لله