يعيش تلاميذ المغرب ظروفا صعبة للغاية، في ظل تزامن امتحانات البكالوريا مع نازلة كورونا،الشيء الذي دفع الوزارة الوصية عن التعليم لاتخاذمجموعة من الإجراءات، ونذكر منها على سبيل المثال لا الحصر :تهيئة العديد من القاعات الرياضية الكبرى قصد اعتمادها كمراكز للامتحانات تفاديا لانتشار العدوى، كما عمدت الوزارة علىإخراج إطار مرجعي يلائم هاته الظروف التي تعيشها بلادنا،والذي سوف يتضمن في الغالب الأهداف المرجوة من برنامج السنة الدراسية، فضلاعن الدروس التي سوف يختبر فيها التلاميذ، وسلم التنقيط للامتحان الوطنيوالجهوي .وإن كانت كل هاته الإجراءات جزئية وتخص انقاذ الموسم الدراسي؛ فإنها لن تغير من نفسية التلاميذ شيئا.
وعلى ضوء هذا يمكن مناقشة القضية وفق مايلي :
أولا:تأثير كورونا على نفسية المتعلمين.
الملاحظ في ظل أزمة كورونا المستجد، تغير في نمط عيش العديد من التلاميذ داخل بيوتهم، إذ أفسد فيروس كورونا طعم الحياة التي اعتادها التلاميذ،والتي كانت بين المدرسة و البيتوالترفيه وإنجاز الواجبات بشكل يومي،الشيء الذي اختلف اليوم ،حيث إن أغلب التلاميذصاروا حبيسي جدرانبيوتهم ، حفاظا على سلامتهم وسلامة ذويهم ،وبالتالي بروز آثار نفسية عميقة خصوصا ونصفهم مقبل على الامتحان الوطني ويأتي كل هذا في ظل غياب حملات توعوية، تحسيسية،أو برامج تلفزية،أو حوارات تضم أخصائيين نفسيين، لطرح حلول تسهم في إخراج التلميذ المغربي من أزمة الحجر المنزلي و آثاره المتعددة التيأترث سلبا عليه وأفقدته التركيز والاستعداد الجيد للامتحان،ومن بين الآثار النفسية الناجمة عن الحجر المنزلي نذكر الآتي:
الخوف،الانطواءعن الذات،كثرة التفكير، الغضب،التهيج، الأرق، السهر،وضعف التركيز و غيرها … لا سيما أثناء مراجعة الدروس، علاوة على انخفاضالأداء أثناء العمل، والإحساس بالوحدة والضيق رغم تواجد أفراد الأسرة، دون أن نغفل الاضطراب العاطفي لدى أغلبهم.
ولكن المثير أن التلاميذ لا يظهرون ما يختلج في نفوسهم من قلق عميق ، وهنا تكمن خطورة الضرر النفسي الذي يلحق بهم، فتظهر سلوكات مغايرة للتي كانت لديهم من قبل ولعل أبرزها بروز السلوك العدواني.تلك إذن أبرز الآثار النفسية التي تطفو وتؤثرعلى التلاميذ وفي هذا السياق أيضاقال:روريأوكونور، الباحث في جامعة غلاسكو “إن الإمعان في العزل الاجتماعي والوحدة والقلق والتوتر والإعسار المالي هي بمثابة عواصف قوية تجتاح الصحة النفسية للناس .[1]“
ومعنى هذا أن للعزل المنزلي آثارا قوية مؤثرة على صحة الناس عامة وصحة المتعلمين خاصة، وبالتالي فالنتائج ستكون مغايرة لما يرجوه المتعلم، نظرا للعزل الاجتماعي والإحساس بالوحدة والضجر.
ثانيا : دور الأسر والدافعية في تحسين نفسية التلميذ.
في ظل غياب التوعية والتتبع النفسي لصحة التلاميذ،– الأمر الذي عمدت إليه دول عدة-إلى ذلك نجد أن المغرب بعيد كل البعد عن هاته الخطوة، التي من شأنها أن تسهم في تحسين نفسية الأبناء،وتعزز الدافعية لديهم،والتي سوف تجعل المتعلم يكتسب الكثير من أنماط السلوك الإيجابي، وبالتالي توليد طاقة ذاتية تدفع هذا الأخير للتعلم.
- أدوار الأسرفي تحسين نفسية المتعلم في ظل نازلة كورونا
قبل الحديث عن دور الأسرة المحوري لكونها عماد المجتمعات، لا بدلنا من تعريفها أولا،فجورج ميدروك G .MURDOCKعرفها بقوله: ” الأسرة هي جماعة اجتماعية يقيم أفرادها جميعا في مسكن مشترك ويتعاونون اقتصاديا ” [2]
أما وليم ستيفانسW .stephens فالأسرة بالنسبة له تقوم على ترتيبات اجتماعية قائمة على الزواج ومتضمنة معرفة حقوق ووجبات الأبوة مع إقامة مشتركة للزوجين و أولادهما..”
في حين عرفها جيرالدلسليGERALD R LESIE بالقول ” هي المؤسسة الاجتماعية التي تعزو إليها إنسانيتنا.. ” [3]
نستشف من هاته التعاريف أن الأسرة هي بنية اجتماعية، تجمعها علاقات وتتكون من (زوج وزوجة وأبناء)، ويعيشون داخل مسكن موحد.
وبالرجوع إلى دورها الراهن الذي يرجى منه تحسين نفسية المتعلم (الابن والابنة)، نقترح الأدوار الآتية:
- التحفيز والتشجيع على العطاء.
- توعية الأبناء بأن المرحلة الحالية مؤقتة.
- – السهر على راحة الأبناء.
- التتبع اليومي ووضع برنامج للمراجعة رفقة الأبناء.
- العمل على إخراج التلميذ من رتابة الحجر المنزلي من خلال حوارات فكرية ثقافية والدعم النفسي اليومي.
- تنمية روح الإبداع لدى الأبناء من خلال تشجعيهم على الابتكار وكتابة قصص لها علاقة بالواقع المعيش.
- مشاهدة البرامج الثقافية لإخراج الأبناء من دوامة التفكير.
- أدوار وأهمية الدافعية في تحسين نفسية المتعلم
حددت الدكتور هناء حسين في كتابها علم النفس التربوي أدوار الدافعية في ثلاثة نقط أساسية نجردها كالآتي:
– ” أنها تحرر الطاقة الانفعالية الكامنة للكائن الحي والتي تثير نشاط معين سواء أكانت الدوافع فطرية أو مكتسبة.
– أنها تفرض على الكائن الحي أن يستجيب لموقف معين ويهمل المواقف الأخرى …
– أنها توجه السلوك وجهة معينة حتى يستطيع الكائن الحي إشباع الحاجة الناشئة لديه”.[4]
نستشف من هذا القول إن الدافعية تتمركزحول ثلاثة نقط أساسية هي: تحريرالطاقةالانفعالية الإيجابية التي تسهم في إثارة النشاط المراد إنجازه،والاستجابة الفورية، ثم أخيرا توجيه السلوك الوجهة الصائبة، ولهاته الأدوار القدرة على تنمية الذات والخروج من التفكير السلبي الذي ينقل المتعلم من عوالم الجد والرغبة في التحصيل إلى عوالم أخرى تدعوه إلى القطع مع التحصيل والمثابرة ،والخلود للكسل والخمول وشتان مابين الاثنين.
” ولقد اتفق كل من بلوم bloom ومايmay على أهمية الدافعية كعنصر فعال للأداء العقلي الابتكاري، فغالبا ما نجد الطريق الابتكاري هو طريق الألم والوحدة ولكن دافعية المبتكرين لابد أن تكون قوية للتغلب على الخوف ..”[5]
ونلمس من هذا القول إن أهمية الدافعية مهمة للغاية؛لأنها تدعم الأداء العقلي للإنسان وتساعده على تدارك المعيقات، وكلما كانت الدافعية قوية كلما حركت الأداء الابتكاري.
ثالثا :خطوات الاستعداد الجيد للامتحانات الوطني
للاستعداد جيدا للامتحان نقترح العمل بالخطوات الأتية :
1- تعزير مشاعر التفاؤل: فدون تفاؤل لا يمكن للمشاعر الإيجابية أن تعمل على تنشيط القدرات الذهنية للمتعلم ودفعه لتقديم عطاء أفضل.
2- تنظيم الوقت: يعد هذا الجانب مهما للغاية، ودون تخطيط زمني يخص فترات المراجعة لا يمكن الحديث عن التفوق؛ وبالتالي قد يكون سببا للفشل.
3-الحضور الذهني : يعمل الحضور الذهني على التركيز الفعال الذي يسهم في الحصول على مردويةجيدة .
4-التحفير المستمرللمتعلم لذاته والتوكل على الله تعالى.
5- المراجعة اليومية المعقلنة وربطها بإنجاز تمارين تطبيقية،والتي سوف تمكن المتعلم من ترسيخ الدروس في ذهنه.
6-” وضع عينة أسئلة متوقعة للاختبار قبل موعده، تركز على أهم محاور المادة، وتشمل عددًا من الدروس إضافة إلى التحضير المستمر للمادة، والقراءة المتمعنة في مواضيعها جيدا.
7- تدوين الملاحظات على أهم المواضيع المطروحة.
8-عدم التشتت والتركيز فقط على الامتحان بدون التركيز على مواضيع متعددة في نفس الوقت.
9-النوم والتغذية الجيدة يلعبان دورا رئيسيا في الاستعداد للامتحانات، فمن غيرهما لا يمكن للطالب التركيز فيما يدرس، وهذا من شأنه تشتيت تركيز الطالب عن الدراسة.
10-الفشل في الامتحان الذي سيتقدم له، وإن كان قد درس وحضر جيدًا قبل ذلك. أخذ استراحة لمدة خمس دقائق لكل عشرين دقيقة، لحفظ تركيز الطالب.”[6]
تلك إذن خطوات الاستعداد الجيد للامتحان، التي نرى أنها قد تساعد في الاستعداد الجيد للامتحانات، ولا سيما في ظل هاته الظروف الصعبة، التي تمر منها بلادنا والتي راعينا فيها عدة جوانب نفسية،فيزولوجية، تنظيمية وبيداغوجية، ونرجو أن تؤخذ بعين الاعتبار لما لها من فوائد جمة.
ختاما
إن تأثيركورونا على نفسية المتعلمين واضح لنا، ولاسيما مع توالي الأيام وانحصارهم في البيت لساعات طويلة ،وهم الذين اعتادوا على ملء الشوارع مرحا ولعبا، الشيء الذي تغير اليوم بالنسبة لهم فصدموا بعالم آخر،يبدوا سودويا ومظلما، وهنا سيبرز دور الأسرة التي سوف تلعب أدوارا أخرى غير التي اعتادت لعبها قبل كورونا، للتنفيس عن الأبناء ودعمهم، خصوصا من هم مقبلون على الامتحانين الجهويو الوطني، ولا خيارأمامهم سوى التشجيع، والتحفيز، والمتابعة النفسية المنزلية من الأبويين، وإخبار الأبناء أن هاته الظرفية قصيرة وسحابة صيف عابرة،وسوف تزول وعليهم التركيز على مسارهم الدراسي إن أرادوا النجاح في حياتهم مستقبلا، وتحقيق الأماني التي سطروها، ولكي يكون الاستعداد للامتحانات جيدا وجب عليهم أيضا اتباع خطوات أساسية من تنظيم الوقت، والنوم باكرا، والتغذية الجيدة، وغيرها من الخطوات المهمة.
وبكل تلك الأشياء السالفة الذكر، القابلة للتنزيل والتفعيل نكون قد ساعدنا أبناءنا،وقللنا على الأقل من المخاطر النفسية على صحتهم،وعززنا دافعيتهم للتحصيل والنجاح والحصول على نتائج جد مشرفة، فتتحقق الأهداف وتزهر الحياة من جديد بالنسبة لهم.
الهوامش
– غريب سيد أحمد، السيد عبد العاطي السيد وآخرون:علم اجتماع الأسرة، دار المعرفة الجامعية،2001،ص،118.
-هناء حسين الفلفلي:علم النفس التربوي، دار كنوز المعرف،.ط1، 2013 ص.138.بتصرف.
– كمال محمد محمد عويضة: علم نفس الشخصية، دار الكتب العلمية، ط1، 1996،ص.184.
-سهير أحمد سعيد معوض:علم الاجتماع الأسري، سلسلة مناهج دبلوم الإرشاد الأسري 09،جامعة الملك الفيصل، السعودية، 2009،ص.18.
-راضية القيزاني: كورونا يغير خارطة الصحة النفسية في العالم، صحيفة العرب
موقع:www. alarab.co.
-كيفية الاستعداد الجيد للامتحانات موقع:https://sotor.com
1راضية القيزاني: كورونا يغير خارطة الصحة النفسية في العالم، صحيفة العرب موقع:alarab.co.uk
غريب سيد أحمد، السيد عبد العاطي السيد وآخرون:علم اجتماع الأسرة، دار المعرفة الجامعية،2001،ص118.[2]
سهير أحمدسعيدمعوض:علم الاجتماع الأسري، سلسلة مناهج دبلوم الإرشاد الأسري 09،جامعة الملك الفيصل، السعودية، 2009،ص.18[3]
هناء حسين الفلفلي:علم النفس التربوي، دار كنوز المعرف،.ط1،2013 ص.138.بتصرف.[4]
كمال محمد محمد عويضة علم نفس الشخصية، دار الكتب العلمية، ط1، 1996،ص.184[5]
.https://sotor.comكيفية الاستعداد الجيد للامتحانات موقع [6]