لمواجهة خطر نفاذ السيولة الذي يتهدد أنظمة التقاعد في غضون السنوات المقبلة، تتجه الحكومة ضمن السيناريوهات المقترحة لإصلاح الصناديق المهددة بالإفلاس، إلى مراجعة العديد من الاجراءات في الأنظمة الحالية وعدم إعادة تقييم المعاشات على مدى 10 سنوات القادمة.
ويأتي توجه الحكومة الذي عرضته على النقابات الأكثر تمثيلية ضمن أول اجتماع للجنة المكلفة بإصلاح أنظمة التقاعد والتي ترأسها وزيرة الاقتصاد والمالية نادية فتاح، تنفيذا لتوصيات اللجنة الوطنية الخاصة بمنظومة القطبين وبالإصلاح المقياسي لنظام المعاشات المدنية.
ووفق معطيات رسمية لوزارة الاقتصاد والمالية، فإن هذه اللجنة كانت قد أوصت كذلك برفع سن التقاعد إلى 65 سنة بشكل تدريجي بمعدل 6 أشهر سنويا، بما في ذلك القطاع الخاص، مع رفع نسبة الاشتراكات بما في ذلك القطاع الخاص بنسبة 4 نقاط.
وبخصوص الجدولة الزمنية لأشغال اللجنة المكلفة بإصلاح التقاعد، اقترحت الحكومة على النقابات انطلاق تحيين التشخيص والوضعية الحالية لأنظمة التقاعد منذ أكتوبر 2022، على أن يتم ما بين نونبر ودجنبر القادمين عرض ومناقشة مخرجات الدراسة.
ووفق المصدر ذاته، سيتم ما بين يناير ومارس
2023 عرض التوجهات الاستراتجية ووضع تصور وخارطة طرق للإصلاح، وفي أبريل 2023 سجري اعتماد سيناريوهات الإصلاح والمصادقة على خارطة الطريق لتنزيلها,ابتداء من ماي 2023 سيتم الشروع في تنفيذ خارطة الطريق.
[proscons][/proscons]وتتخلص أهم توصيات اللجنة الوطنية لسنة 2013 للشروع في إصلاح أنظمة التقاعد، في ضمان ديمومة المنظومة على المدى الطويل وإرساء العدالة والحفاظ على الحقوق المكتسبة الحفاظ على الاحتياطيات نظرا لأهميتها في تمويل الاقتصاد تعبيد الطريق للمرور نحو نظام أساسي موحد والحد من تأثير الإصلاح على ميزانية الدولة والحفاظ على تنافسية المقاولات الوطنية من أجل التوفيق بين كل هذه الأهداف المتناقضة أحيانا، اقترحت اللجنة اعتماد سقف موحد للنظام الأساسي يساوي مرتين الحد الأدنى للأجور بكل من القطب العمومي والقطب الخاص، ولذك لتسهيل المرور مستقبلا نحو نظام أساسي موحد، وتقليص نسب الاستبدال لأصحاب الأجور المرتفعة في القطاع العمومي.
وتؤكد معطيات وزارة الاقتصاد والمالية، أن الصندوق المغربي للتقاعد يواجه مشكلة سيولة ناتجة عن الالتزامات السابقة لنظام المعاشات المدنية، حيث لا تولد الحقوق المكتسبة بعد إصلاح 2016 أي عجز إضافي يخفي المستوى المهم لاحتياطيات النظام مشاكله المرتبطة بعدم توازنه البنيوي.
وبحسب التشخيص المجرى على أنظمة التقاعد، يتطلب تنزيل القطب العمومي الخيار الأمثل لمعالجة إشكالية سيولة نظام المعاشات المدنية وكذا مشكلة عدم التوازن البنيوي الذي يعرفه النظام الجماعي لمنح راواتب التقاعد.
وتخفف الدينامية الايجابية لمحركه الديمغرافي من مشكل عدم توازن نظام تقاعد أجراء القطاع الخاص، غير أنه بمجرد تراجع هذا المؤشر الديمغرافي، ستتدهور الوضعية المالية للنظام مما يستوجب إصلاحا مقياسيا مستعجلا لجعله أكثر إنصافا والحد من اختلالاته المالية.
ويظهر تحليل الوضعية الراهنة لأنظمة التقاعد بالمغرب، أنه بعد تنزيل الإصلاح المقياسي لسنة 2016، سيستنفذ نظام المعاشات المدنية لاحتياطياته (68 مليار درهم) بحلول سنة 2028، وللوفاء بالتزاماته بعد ذلك، سيحتاج الصندوق المغربي للتقاعد ما يناهز 14 مليار درهم سنويا لتمويل عجز النظام.
وقالت وزارة الاقتصاد والمالية، إن هذا النظام، يعد حاليا متوازنا بالنسبة للحقوق المكتسبة بعد إصلاح 2016، بحيث أن الدين الضمني الحالي يهم بالخصوص الحقوق المكتسبة في الماضي، مشيرة في المقابل، إلى النظام الجماعي لمنح رواتب التقاعد، يعرف عجزا تقنيا مهما بلغ 3.3 مليار درهم سنة 2021، غير أنه بفضل المستوى المهم لاحتياطياته (135 مليار درهم) تمكن العوائد المالية للنظام من تغطية هذا العجز التقني.
وبخصوص القطب الخاص، يؤكد تشخيص وزارة المالية، أن نظام تقاعد أجراء القطاع الخاص، يتوفر على هوامش لإدراج إصلاحات مقياسية بالنظر إلى نسبة المساهمة بالنظام 11.89 وسن الإحالة على التقاعد 60 سنة، وينتظر أن يستعمل النظام احتياطياته قريبا، غير أن أفق استدامته يظل بعيدا نسبية (2038).
وترى الحكومة، أن هذا النظام “غير منصف”، حيث يشترط على المؤمن له أن يتوفر للاستفادة من معاش التقاعد على 3240 يوم كحد أدنى من التصريح، أي ما يعادل في المتوسط 15 عاما من العمل، مسجلة في السياق ذاته، المحرك الديمغرافي الايجابي يجلب السيولة للنظام حاليا ولكنه بالمقابل يثقل دينه الضمني.