عبد اللطيف أبوربيعة
لازال النظام الجزائري يتلقى الصفعات تلو الصفعات ويحصد الخيبات بسبب مناوراته الخبيثة ضد سيادة المغرب على صحرائه، إلا أن الصدمة الأخيرة والتي لم يكن يتوقعها النظام الجزائري العسكري جاءته هذه المرة من فرنسا صانعة الجزائر ككيان وكدولة بل ويعود لها الفضل في وجودها.
وهي الصدمة التي شكلتها رسالة الرئيس الفرنسي الأخيرة “إيمانويل ماكرون” للعاهل المغربي الملك محمد السادس بمناسبة الذكرى الخامسة والعشرين لعيد العرش، وهي الرسالة التي تضمنت اعترافا صريحا بالسيادة المغربية على الصحراء، حيث اعتبر الرئيس الفرنسي أن حاضر ومستقبل الصحراء الغربية يقعان ضمن السيادة المغربية، وأكد لجلالة الملك عن ثبات الموقف الفرنسي بشأن هذه القضية الحساسة للأمن القومي للمملكة لمغربية، واعتزام فرنسا التصرف بما يتماشى مع هذا الموقف على الصعيدين الوطني والدولي.
وشدد ماكرون على أنه بالنسبة لفرنسا، فإن الحكم الذاتي تحت السيادة المغربية هو الإطار الذي يجب حل هذه القضية من خلاله، مضيفا أن دعم فرنسا لخطة الحكم الذاتي التي اقترحها المغرب في عام 2007 واضح وثابت وأن هذه الخطة الآن تشكل الأساس الوحيد للتوصل إلى حل سياسي عادل ودائم ومتفاوض عليه وفقًا لقرارات مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة.
وهي الصدمة لتي ردت عليها وزارة الخارجية الجزائرية من خلال بلاغ أصدرته أكدت فيه أن الحكومة الفرنسية أقدمت على إعلان تأييدها القطعي والصريح للواقع الاستعماري المفروض فرضا في إقليم الصحراء الغربية، وأن هذه الخطوة التي لم تقدم عليها أي حكومة فرنسية سابقة، قد تمت من قبل الحكومة الحالية باستخفاف واستهتار كبيرين دون أي تقييم متبصر للعواقب التي تنجر عنه ..واستطرت الوزارة الجزائرية في بيانها بأن الحكومة الفرنسية باعترافها بالمخطط المغربي للحكم الذاتي كأساس وحيد لحل نزاع الصحراء الغربية في إطار السيادة المغربية، فإنها تنتهك الشرعية الدولية، وتتنكر لحق الشعب الصحراوي في تقرير مصيره، وتناقض كل الجهود الحثيثة والدؤوبة التي تبذلها الأمم المتحدة بهدف استكمال مسار تصفية الاستعمار في الصحراء الغربية، فضلا عن كونها تتنصل من المسؤوليات الخاصة التي تترتب عن عضويتها الدائمة بمجلس الأمن الأممي.
وختمت وزارة الخارجية بيانها بالتأكيد على قرار سحب سفيرها لدى الجمهورية الفرنسية بأثر فوري.
وعلاقة بهذا الموضوع، وجهت سفيرة المملكة المغربية في فرنسا “سميرة سيتايل” في ردها على أسئلة الصحافة الفرنسية ممثلة في قناة ” Europe1 ” صفعات متتالية للنظام الجزائري وأعطت دروسا بليغة في الديبلوماسية للحكام الجزائريين.
المسؤولة المغربية وصفت المبادرة الفرنسية الأخيرة التي حملتها رسالة الرئيس الفرنسي “إيمانويل ماكرون” للعاهل المغربي محمد السادس بمناسبة الذكرى 25 لعيد العرش والمتمثلة في الإقرار الحاسم بأن مبادرة الحكم الذاتي المغربية في إطار سيادة المغرب على صحرائه هي الحل الوحيد والأوحد لحل هذا النزاع الذي امتد لنصف قرن، وهو الحل الذي لن يكون فيه طرف رابح وآخر خاسر بل جميع الأطراف ستخرج رابحة بدءا من شعوب المنطقة وخاصة منهم الآلاف من المواطنين المحتجزين قسرا بمخيمات تندوف بجنوب الجزائر دون أبسط شروط العيش الكري، م في ما يشبه بالسجن المفتوح والتي تنتظر منذ ما يناهز 50 سنة الحل لهذا لنزاع الذي طال أكثر من اللازم بسبب تعنت الجزائر ومعها البولساريو.
سميرة سيتايل وصفت المبادرة الفرنسية بأنها تطور ذو معنى سواء فيما يخص إعادة تأكيدها على سيادة المغرب على صحرائه والتي استعادها المغرب منذ 49 سنة بعد خروج المستعمر الإسباني منها والذي احتلها قرابة 92 سنة وهي منطقة لم يسبق لأحد، قبل هذا الاستعمار، أن نازع عليها المغرب لا على المستوى التاريخي ولا على المستوى القانوني لأن الأمر يتعلق تاريخيا بتراب مغربي يدخل ضمن سيادة الإمبراطورية المغربية.
واعتبرت الدبلوماسية المغربية لمحاورتها الصحفية الفرنسية بخصوص التأكيد على السيادة المغربية التي تضمنتها رسالة الرئيس الفرنسي الفرنسية للعاهل المغربي تطور متقدم حين قال رئيس الجمهورية الفرنسية بأنه لا في الحاضر ولا في المستقبل عدم المساس بهذه السيادة هو الشرط لحل هذا النزاع.
مضيفة أن اعتبار مبادرة الحكم الذاتي المغربية هي الحل الحالي والمستقبلي الوحيد لحل نزاع الصحراء في إطار السيادة المغربية على ترابها من الجانب الفرنسي ليس وليد اليوم بل هو موقف اتخذته فرنسا منذ أن طرحته المملكة المغربية سنة2007 وأن ما فعلته فرنسا اليوم هو تأكيد على موقفها بصيغة أكثر تطورا.
أما بخصوص ما إن كانت المبادرة الفرنسية الأخيرة هي تمرة لمفاوضات طويلة بين الجانب المغربي والفرنسي، ردت الدبلوماسية المغربية بأنها تأتي في إطار الاستمرارية وفي وقت أصبحنا نلاحظ فيه تغير العديد من أوراق اللعب على المستوى السياسي والاستراتيجي العالمي والذي تمكنت فرنسا خلاله من بعث رسالة سلم من شأنها المساهمة في حل هذا النزاع خاصة في واقع النزاعات وعدم الاستقرار التي تعرفها المنطقة والتي ترخي بظلالها على الأمن والسلم العالميين، وهي المنطقة التي أصبح من اللازم أكثر من أي وقت مضى المحافظة على أمنها واستقرارها لفائدة الجميع بها فيها أوربا.
من جهة أخرى ذكرت الدبلوماسية المغربية بأن ال23 قرار تسوية الأخيرة لمجلس الأمن الدولي كلها أكدت على أن مبادرة الحكم الذاتي للمملكة المغربية هي مبادرة واقعية وذات مصداقية من شأنها المساهمة في حل النزاع المفتعل حول الصحراء المغربية ولم تتحدث بصيغة أو بأخرى على أي استفتاء بالصحراء لحل المشكل وهو الطرح الجزائري الذي تخلت عنه الأمم المتحدة منذ سنة 2008 مباشرة بعد طرح المغرب مبادرة الحكم الذاتي لحل النزاع .مؤكدة بأن المغرب يسعى دائما للتقدم إلى الأمام لحل المشكل خاصة وأنه من بين 193 عضو في مجلس الأمن 164 منهم لا تعترف بأية جمهوية وهمية معلنة من جانب واحد بمخيمات تندوف بالجزائر ممولة ومسلحة ومتلاعب بها من طرف النظام الجزائري العسكري.
وفي ردها على ما اعتبره السفير الجزائري المسحوب من فرنسا أن رسالة الرئيس الفرنسي للعاهل المغربي بمثابة طعنة في ظهر الجزائر و صفقة بين مستعمرين، عبرت السفيرة المغربية عن عدم فهمها لرد الفعل الخبيث الذي صدر عن الجزائر عن مبادرة سيادية فرنسية متخذة من طرف الدولة الفرنسية من حق الفرنسيين وحدهم دون غيرهم قبولها أو رفضها.
متسائلة كيف لدولة عظمى كفرنسا أن تقبل بأن تتدخل في قراراتها دولة كالجزائر وكيف لهذه الأخيرة أن تعطي لنفسها الحق في أن تتدخل في قرار سيادي لدولة سيادية كفرنسا، بل أكثر من ذلك اعتبرت الدبلوماسية المغربية ما جاء في بيان الجزائر بمثابة إهانة لفرنسا وللفرنسيين.. هذه الجزائر، تضيف الدبلوماسية المغربية، التي تدعي دائما أنها ليست طرفا في النزاع حول الصحراء المغربية في وقت كانت هي الأولى التي عبرت عن رد فعلها على الرسالة الفرنسية اتجاه المملكة المغربية مما يدل على أن الجزائر هي الطرف الرئيسي في هذا النزاع وهي المعرقل الوحيد لأي حل له منذ خمسين سنة.