يحتفل الشعب المغربي، غدا الاثنين، بالذكرى التاسعة والستين لعيد الاستقلال المجيد، وهو احتفال يعكس مشاعر الفخر والاعتزاز ويجسد تلاحم العرش العلوي والشعب المغربي في ملحمة الكفاح من أجل حماية وحدة الوطن وسيادته.
تعتبر هذه المناسبة محطة راسخة في تاريخ المملكة وفي وجدان كل المغاربة، حيث تحمل دلالات عميقة تعكس الوطنية الحقة. وتعتبر عيد الاستقلال فرصة لتذكر السياق التاريخي لهذا الحدث العظيم، الذي جسّد انتصار إرادة العرش والشعب في مواجهة الاستعمار، وإرساء أسس مغرب مستقل وموحد.
الشعوب لا تنضج إلا من خلال استحضار تاريخها واستلهام العبر من مختلف محطاته، وهذا ما يتجلى في الكفاح الوطني الذي شهدته البلاد. من أبرز المحطات التاريخية كانت زيارة جلالة المغفور له محمد الخامس إلى طنجة يوم 9 أبريل 1947، التي أكدت تشبث المغرب، ملكا وشعبا، بحريته ووحدته الترابية.
الحركة الوطنية، في بداية الثلاثينيات، انتقلت إلى النضال السياسي وتعزيز الوعي الوطني، مما ساعد في إشعال عزائم الشباب المغربي. رغم المحاولات الاستعمارية لقمع هذا النضال، بقيت إرادة المغاربة قوية. وقد شهدت البلاد انتفاضات ومعارك بطولية جسدت مقاومة الشعب المغربي، مثل معارك الهري وأنوال وبوغافر.
تعتبر ذكرى الكفاح مثالا حيا على تكامل الأمة المغربية مع ملكها، حيث انطلقت شرارة ثورة الملك والشعب يوم 20 غشت 1953. تمثّل هذه الذكرى فرصة للأجيال الصاعدة لفهم التضحيات التي بذلها أجدادهم من أجل استرجاع استقلال المغرب.
عندما عاد المغفور له محمد الخامس من المنفى يوم 18 نونبر 1955، أعلن عن انتهاء نظام الحماية الفرنسية. وهذا اليوم يمثل تحولا تاريخيا من معركة الجهاد الأصغر إلى الجهاد الأكبر وانتصار ثورة الملك والشعب.
سار المغرب نحو بناء دولة حديثة بقيادة جلالة الملك الحسن الثاني، الذي استرجع الأقاليم الجنوبية بفضل المسيرة الخضراء. وتستمر الجهود اليوم في عهد جلالة الملك محمد السادس لمواصلة تحقيق التنمية المستدامة والدفاع عن الوحدة الترابية للمملكة.
يأتي الاحتفال بعيد الاستقلال كتأمل تاريخي يربط الماضي بالحاضر ويعزز روح المواطنة. إنه يشجع على التعبئة الشاملة وضمان المكاسب الديمقراطية. فليكن هذا اليوم فرصة لاستلهام قيم التضحية والارتقاء بالمغرب نحو مستقبل مشرق وواعد.