لعبت مرافعات دفاع المتهمين القوية، خلال جلسة استئناف ما سمي إعلاميا بقضية “اغتصاب طفلين في إطار الطقوس الماسونية”، والتي شهدتها محكمة الاستئناف بطنجة مساء يوم أول أمس الثلاثاء، (لعبت المرافعات) دورا كبيرا في دفع غرفة الجنايات الاستئنافية لاتخاذ إجراء الخبرة الطبية العلمية المتطورة من أجل تحديد وقوع الاغتصاب من عدمه.
وعرفت جلسة الاستئناف بطنجة نقاشا قانونيا وحقوقيا حادا بين محاميي الطرف المدني الذين ناقشوا الملف من زاوية حقوقية، وبين دفاع المتهمين الذي تشبت ببراءة مؤازريه.
خلفيات القضية
بدأت القضية حين وضع الزوج (ح.أ) شكاية لدى الوكيل العام بمحكمة الاستئناف بطنجة، يوم 12 نونبر 2020 ضد زوجته السابقة (ن.ب)، التي عاشرته لمدة 12 سنة، يتهم فيها هذه الأخيرة ومجموعة من الأشخاص، بتعريض طفليه للاغتصاب بالقوة، وامتثالهما للنزوات والرغبات الشاذة للمجموعة، مستعينا بشهادات طبية أغلبها من الطب النفسي.
وأدانت المحكمة الابتدائية بطنجة المتهمين بالسجن النافذ، حيث حكمت على متهمين إثنين (ن. خ) و(ح.ح) ب5 سنوات سجنا، وعلى متهمتين إثنتين إحداهما الأم بسنتين والمتهمة الثانية ب3 أشهر نافذة.
أطوار جلسة الاستئناف
خلال الجلسة الأخيرة من مرحلة الاستئناف، أثار محامو المشتكي تدهور المستوى الدراسي للطفلين في الآونة الأخيرة بسبب تأزم وضعيتهما النفسية نتيجة الجنس الذي تعرضا له حسب مرافعة محاميي المطالب بالحق المدني.
وقال محامو الطرف المدني أن الطفلين تعرضا لأبشع أنواع الاستغلال الجنسي، وفي مقدمة هؤلاء المستغلين والدتهما، التي تنكرت لأمومتها ولم تدافع عن أطفالها في سلوك لا إنساني شاذ حتى عن الطبيعة الحيوانية، فما بالك بالطبيعة البشرية، ضاربين المثل بالقطة الحامية لأبنائها على حد تغبيرهم.
وأيضا من بين الحجج التي أدلى بها المصدر نفسه، كيف يتم تكذيب طفلين واجها جميع المتهمين أمام ضباط الشرطة القضائية وقاضي التحقيق وقاضي الجنايات الابتدائية، مؤكدين في ذات الوقت أن الطفلين تم الاستماع إليهما من طرف ضباط الفرقة الوطنية.
وقدم الطرف ذاته، شواهد الطب النفسي وكذلك شهادة طبية صادرة عن الطب الشرعي من مستشفى الفرابي بوجدة.
دفاع المتهمين يستعين بمعطيات جديدة
وعلى الجانب الآخر، قام دفاع المتهمين المكون من هشام بن عجيبة وحليمة الجبلي المؤازرة لأحد المتهمين، وكذلك نضال العاقل عن المتهمتين، ببسط أدلة جديدة أماطت اللثام عن الجانب الخفي من القضية، حيث أكد أن القضية التي تم تضخيمها لتضم عدة اتهامات بعضها يرقى إلى تهم خيالية، هي في الأصل نزاع أسري بين زوج وطليقته، كان وقوده الأطفال، موضحا أن المشتكي تقدم بادئ الأمر بشكاية بتاريخ 24\08\2020 يتهم فيها زوجته بالخيانة الزوجية مستندا على شهادة طفيله، وهي الشكاية التي تم حفظها من طرف النيابة العامة، قبل أن يقدم على رفع شكاية جديدة، تتعلق هذه المرة بهتك عرض طفليه من طرف مجموعة من الأشخاص، في مقدمتهم زوجته.
ووفق محامي المتهمين، فإن النزاع بين أم الطفلين المتهمة الرئيسية في هذه القضية والأب المشتكي، ليس مقتصرا على المحكمة الجنائية فقط، بل ممتد أيضا إلى محكمة الأسرة، وهنا طرح المتحدث ذاته تساؤلا عريضا يفرضه المنطق، فإذا كانت هذه الأم التي اتهمتها الزوج بتعريض طفليها للاغتصاب المتكرر لماذا طالبها في نفس الوقت بالرجوع إلى بيت الزوجية؟،ثم أشارت هيئة الدفاع لشهادة مدير المؤسسة التي كان يدرس بها الطفلين، والذي نفى صحة تدهور المستوى الدراسي او النفسي للطفلين، مؤكدا أن الأم لم تكن يوما مهملة بل كانت تواكب دراسة أبناءها، وفي هذا الصدد أدلى الدفاع بمجموعة من الصور التي تبرز العلاقة القوية التي كانت تجمع الأم بأبناءها.
وأوضح الدفاع أن الشكاية كانت تضم مجموعة من الأشخاص الذين تمت تبرأتهم من طرف قاضي التحقيق وهم الجدة والخالة والجد وصديقة الأم والخادمة والشرطي، فلماذا تمت تبرأة هؤلاء، في حين تمت متابعة البقية علما أن وضعيتهم القانونية هي نفسها.
وأضاف محامي الدفاع، إذا كان الطفلان صرحا بتعرضهما للاغتصاب عدة مرات من طرف مجموعة كبيرة من الأشخاص، فإن هذا كان سيظهر أثناء عرضهما للخبرة الطبية التي قامت بها مؤسسة الأمن الوطني والتي بينت عدم وجود أي أثر للاغتصاب.
وأشار المصدر نفسه، أن شاهدة الإثبات الوحيدة في القضية، والتي استند عليها الحكم الابتدائي، سبق لها قبل وفاتها أن شهدت لصالح المتهمين عند الشرطة، قبل أن تغير كلامها لدى قاضي التحقيق بعد نشوب خصومة بينها وبين أم الطفلين، المتهمة الرئيسية في هذا الملف، مشيرا إلى كون الشاهدة حتى وإن شهدت لصالح المشتكي فقد تحدثت فقط عن وجود فساد، ونفت أن يكون سبق لها وأن شاهدت تعرض الطفلين للاغتصاب.
وفي هذا الصدد، أوضح الدفاع أنه من الناحية العلمية يصعب اختفاء آثار الاعتداء في حالة إذا وقع هتك عرض الطفلين من طرف عدة أشخاص، مطالبا في ذات الوقت بضرورة إجراء خبرة طبية أخرى إذا لم تكن المحكمة مقتنعة ببراءة المتهمين.
بعد المرافعات المطولة التي شهدتها محكمة الاستئناف، قررت هيئة الحكم عرض الطفلين على الخبرة الطبية العضوية القضائية المتطورة، وهو الأمر ذاته الذي سبق أن أكد عليه فاعل حقوقي بقوله، أن هذه القضية مفتاحها العلم وليس شيئا أخر.