لم يخف جل المتضررين من استمرار الحجر الصحي غضبهم وامتعاضهم، ونسي الغاضبون أن هناك فئة تكابد العزلة وهي صامتة بين الجدران، لم يقتل كآبتها حلقات سوبرمان وهو يطير في السماء أو مغامرات الرجل العنكبوت وهو يمارس مهاراته الخارقة، نسي الغاضبون أن فلذات أكبادهم هم بدورهم أرقام سقطت منذ ظهور لعنة كورونا، مثلما سقطت من اهتمامات حكومة سعد الدين العثماني، الذي ربما لم تقتنع ببراءتها فتركتها تتسلق الجدران وتقفز بين الأسرة والأرائك وهي تلازم البيوت دون ذنب…..
كل ما لجأ إليه الأطفال خلال ثلاثة شهور من عوالم التكنولوجيا لتبديد الضجر هو تكرار رتيب، غابت عنه شمس الأصيل ونسيم الهواء ولم يكف لإنشاء حلمهم وشوقهم الغريزي إلى الحياة في الخارج، فكيف ستكون نفسية براعم فقدت طنين الحياة، وسحر الطبيعة والأشجار، وأين يستقر الآن حالها وهي تستسلم لسطوة ظرفية قاسية لا تدرك دوافعها، لأن كل ما تعرفه أن قصة احتجازها بدأت في يوم ربيعي وستنتهي في يوم صيفي.
نادى أرباب المدارس الخاصة بضرورة استفادتهم من صندوق جائحة كورنا، وحذا حذوهم أصحاب المقاهي، والحافلات وهلم جرا، وفي كل يوم كان فيه محمد اليوبي يعلن عن تسجيل إصابات جديدة، كانت قطاعات وأشخاص ذاتيون يسجلون بدورهم مطالب أملاها الضرر من كورونا، تنبعث منها الرغبة في انتشال ما تيسر من الصندوق، وفي ظل زخم البلاغات التي حولت أصحابها إلى أشخاص ينفذون وصايا الأموات ولو عبر وأد الأحياء، غابت الالتفاتة إلى أصحاب البراءة وهم وراء الجدران يستقبلون عبر النوافذ أشعة الشمس وهي تغيب، في ظل كل هذا الزخم غابت الأصوات بتنبيه سعد الدين العثماني بوجود أكبر ضحايا كورونا وضحايا الحكومة التي عبثت بالمنطق والعدالة واستثنت الأطفال من الرخصة الاستثنائية.
أمام صمت منظمات المجتمع المدني، وحدها الجمعية المغربية لتربية الشبيبة التمست من رئيس الحكومة السماح للأطفال بالخروج إلى الأماكن العمومية رفقة ذويهم لمدة زمنية محددة، وفق شروط السلامة والإجراءات الاحترازية والوقائية بارتداء الكمامات والتباعد، إلا أن دعوة هذا التنظيم المهتم بالطفولة والشباب، والتي جاء بمناسبة اليوم الوطني لحقوق الطفل احترقت بنار اللامبالاة.