قبل أسبوعين من الآن شاهد كثير منا آلاف الحشود والمتظاهرين الغاضبين في شوارع و ساحات كلّ من أمريكا و فرنسا، و ذلك في عز عنفوان الجائحة العالمية “كورونا”. و الكل تبادر إلى ذهنه سؤال واحد وهو: أين اختفى فيروس كورونا وسط كل هذه الجماهير؟
في البدأ انطلقت الإحتجاجات بالولايات المتحدة الأمريكية مباشرة عقب مقتل أحد المواطنين -جورج فلويد- من ذوي الأصول الإفريقية خنقا على يد أحد عناصر الشرطة بمدينة أتلانتا، الشيء الذي أثار حفيظة الشارع الأمريكي واعتبره سلوكا عنصريا محضا، مما أدى إلى نزول الناس للشوارع بالآلاف متظاهرين ومنددين بهذا السلوك الغير المقبول.
في نفس الوقت وعلى إثر نفس الحادثة، خرجت حشود أخرى بعدة مدن بالقارة العجوز كان أبرزها بالعاصمة الفرنسية باريس تنديدا بالعنصرية والظلم الذي يطال أصحاب البشرة السمراء عموما، وأيضا مطالبين بتسوية وضعية جميع المهاجرين.
وهنا نعود للسؤال الأول: أين اختفى الفيروس السريع الإنتشار وسط كل هذه الحشود من الناس؟!.
إن النتيجة المنطقية والطبيعية بعد هذه التجمهرات التي لم تراعي أبدا حالة الطوارئ الصحية، ولا شروط الحجر الصحي ولا حتى أبسط التدابير والإحتياطات الصحية اللازمة هو انتشار صاروخي للفيروس وازدياد مهول في عدد حالات المصابين. لكن.. الأمر كان خلاف ذلك تماما.
كانت المفاجأة هو أن عدد المصابين بقي على حاله وفي وتيرته المعتادة بكلا الدولتين، بل الأغرب هو أنه بدأ في التراجع والتقهقر، والأغرب من ذلك هو أن معظم الحكومات شرعت في تدابير للتخفيف من حالة الطوارئ الصحية استعدادا لإلغاءها جملة في المستقبل القريب.
هذا الأمر ترك انطباعا مريبا لدى العوام من الناس ، ودفعهم إلى تبني أطروحة مغايرة للأطروحة الرائجة وطرح سؤال: هل يمكن أن تكون كورونا مجرد “مؤامرة”؟؟
تبني جواب معين أو أطروحة معينة ليس بالسهولة بماكان لعدة اعتبارات نطرحها:
أولا، إقتصاد الدول عموما قائم على التجارة الدولية وتبادل السلع والصادرات والواردات.
ثانيا، ما مصلحة دولة معينة في أن تضر باقتصادها من أجل تخويف مواطنيها بفايروس مع تحملها نفقتهم خلال مدة الحجر وحالة الطوارئ عموما؟؟
ثالثا، ألم تتضرر كل من الدولة والمجتمع على حد سواء؟؟
فما المصلحة إذا؟؟ ولماذا؟؟
أمام هذه المعطيات، صار بديهيا التسليم بحقيقة فيروس كورونا كوباء أوقف الحياة بأنحاء العالم، وصار واقعيا ومنطقيا عدم التشكيك بأمر كهذا مطلقا، خصوصا وأن الحكومات صرفت الملايير من الأموال من أجل صد هذه الجائحة، والسلطات المغربية وعلى رأسها ملك البلاد بدلت مجهودا لا يستهان به، لذا على المجتمع المغربي أن ينخرط بقوة مع القرارات والتدابير المتخذة، وذلك في أفق إعلان التغلب على هذه الجائحة (عملا على قول المغاربة، الاحتياط واجب).