عبد اللطيف أبوربيعة
لا يا سي الغزواني.. ما هكذا تبنى الثقة وتتطور العلاقات بين الجيران ، وما بهكذا أفعال قد تتصور لا أنت ولا أعداء المغرب ولا من خطط لاستقبالك لبن بطوش الإرهابي أن تتزحزح صلابة المملكة المغربية الشريفة أو يلين موقفها أو يتأثر الإجماع الدولي حول مغربية صحرائها، لأن الصحراء في مغربها والمغرب في صحرائه والويل لمن يسبح ضد هذا التيار..
ألا تعلم آ سي الغزواني أن مغربية الصحراء خط أحمر وعنوان لصدق الصداقات ونجاعة الشراكات بين المغرب وشركائه كما جاء في خطاب جلالة الملك محمد السادس..ألم تسمع بأن المغرب سحب سفيره من تونس بعد استقبال رئيسها للإرهابي إبراهيم غالي ولازال الجمود في العلاقات الدبلوماسية إلا حد الآن ؟ ألم يخبروك كيف تعامل المغرب مع ألمانيا وفرنسا وإسبانيا في وقت سابق بسبب قضية الصحراء المغربية؟
لا يا سي الغزواني.. لا عنوانا آخرا أو وصفا ثانيا لاستقبالك للإرهابي بن بطوش غير أنك استقبلت مغربيا عاقا ابن قبيلة الرحامنة المغربية وانفصاليا دمويا إرهابيا ، استقبلته على الأرض الطاهرة لموريتانيا والتي يرجع الفضل في وجودها كدولة مستقلة إلى نضال وتضحيات أبنائها الموريتانيين الأحرار بدعم ومساندة من المغاربة والتاريخ يشهد على ذلك..
لا يا سي الغزواني.. لن تنطلي علينا حيلة أنك لم تستقبل بن بطوش نفس الاستقبال الذي حضي به الرؤساء والزعماء أو أنه حضر دون دعوة و بأوامر وتعليمات وصلتك عبر الهاتف من الجزائر أو ما شابه ، لأنه بكل بساطة حضر واستقبلته وبس وبشهادة جميع من حضر لمراسيم تنصيبك كرئيس قديم جديد لموريتانيا الشقيقة..
لا يا سي الغزواني.. الاستقبال الذي قد تبرره أنت بأنه كان تحت الضغط ، نصفه نحن بأنه استقبال رئاسي لإرهابي انفصالي دموي أراق دماء الموريتانيين واختطف واغتصب نساءهم واعتقل الآلاف منهم بتندوف الجزائرية بتواطئ مع النظام الجزائري العسكري والذين اختفى أو لقي الكثير منهم حتفه تحت وطأة التعذيب والمعاناة والعطش والجوع ومنهم من لا زال يقبع وراء القضبان بتندوف الجزائرية حتى الآن.
لا يا سي الغزواني.. معذرة ..أنت بهذا الاستقبال تسبح ضد التيار ، ففي الوقت الذي تشكلت فيه وبشكل متزايد قناعة دولية وتضاعف الاعتراف بمغربية الصحراء ، يبرز تصرفك هذا في حفل تنصيبك ذاك كتصرف نشاز معزول على التوجه العام وكأنك تعيش خارج السياق في جزيرة معزولة بعيدا عن المستجدات الطارئة غير آبه بما يجري بمحيطك الإقليمي والدولي..وإلا فما ثمن استقبالك هذا لضيفك الإرهابي ذاك على مرأى ومسمع من الموريتانيين الأحرار الذين سجن عذب وقتل ذويهم؟
لا يا سي الغزواني.. استقبالك للإرهابي بن بطوش استقبال يهز الثقة التي تحظى بها موريتانيا من قبل المغرب والمغاربة وينم عن عدم احترامك أو استخفافك بالعلاقة التي تربط المغرب بموريتانيا عبر التاريخ، وعن جهلك عن قصد أو عن غير قصد للدور المحوري الذي تلعبه المملكة المغربية الشريفة على الصعيد المغاربي والعربي والإسلامي والإفريقي والدولي ..المملكة المغربية الدولة السيادية الفاعلة والمساهمة في المحافظة على السلم والأمن الدوليين بما في ذلك الأمن القومي الموريتاني من خلال اتفاقيات الشراكة والتعاون المبرمة بين الجانبين المغربي والموريتاني في المجالين الأمني والعسكري..
لا يا سي الغزواني.. استقبالك للانفصالي بن بطوش يأتي مباشرة بعد الاعتراف الرسمي لفرنسا بمغربية الصحراء وإقرار الحكومة الفرنسية على لسان رئيسها ماكرون بأن مبادرة الحكم الذاتي المغربية لحل نزاع الصحراء هي الوحيدة لا حاضرا ولا مستقبلا ويتبناها النظام الفرنسي وسيترافع عليها أمام المنتظم الدولي.. ويأتي هذا الاستقبال بعد الغضبة التي عبر عنها النظام الجزائري من الموقف الفرنسي التاريخي خاصة وأن هذا النظام الفاشل كان يعتبر فرنسا بمثابة القشة التي لا زال يتعلق بها لإنقاذ نفسه من الغرق في المستنقع الانفصالي للبوليساريو الذي تفنن في حفره لنفسه وضحى بالغالي والنفيس من أجل المحافظة عليه ..مما يعني أن هذا الاستقبال هو رد فعل رافض لما قامت به فرنسا اتجاه المغرب من خلال اعترافها بسيادة المغرب على صحرائه ، رد فعل موريتاني بإيعاز من الجزائر وموقف مساند للنظام الجزائري الذي فعل ويفعل ما بوسعة وأكثر لاستدامة النزاع المفتعل حول مغربية الصحراء إلى ما لا نهاية ولمصالح في نفسه يحلم بها منذ نصف قرن خلى ويستحيل عليه تحقيقها..
لا يا سي الغزواني.. استقبالك بالأحضان وتقبيلك للإنفصالي إبراهيم غالي زعيم تنظيم إرهابي مسلح متورط في جملة من العمليات الإرهابية التي منها ما ارتكبت على الأراضي المغربية ( عمليات السمارة) على مقربة من الحدود الموريتانية المغربية وبتندوف الجزائرية خلال زيارتك الأخيرة لها من خلال عملية الاغتيال التي استهدفت موكبك وراح ضحيتها حارسك الخاص آنذاك ، استقبال يدل على أن النظام الموريتاني بقيادتك يفتقد للشجاعة المطلوبة للتعبير عن موقف أغلبية المنتظم الدولي الرافض للانفصال والإرهاب ..وإلا بماذا تفسر بقاء موريتانيا لحد الساعة بالمنطقة الرمادية على موقفها المعلن ” الحياد الإيجابي” والذي يتماهى في الكثير من الأحيان مع الموقف الجزائري المساند للبوليساريو؟ أهو خوف مما قد تقوم به الجماعات الانفصالية والإرهابية من أعمال عدائية ضد موريتانيا بدعم من الجزائر؟ ربما..
لا يا سي الغزواني..كيف لرئيس دولة سيادية تسمى موريتانيا أن يتلقى الأوامر والتعليمات عبر الهاتف من رئيس دولة مارقة كالجزائر وينفذها بالحرف ، وهو يعلم (رئيس موريتانيا) أن مثل هكذا تصرفات قد تستفز المغرب وتسيئ للعلاقات بين البلدين وقد تكون سببا في قطع هذه العلاقات كما وقع بين المغرب وتونس بسبب ما قام به رئيسها قيس سعيد حين استقبل الإرهابي إبراهيم غالي؟
لا يا سي الغزواني .. عليك أن تعلم أن مغرب اليوم ليس هو مغرب الأمس وأنه لن يقبل بازدواجية المواقف بعد الآن لذا يتعين عليك أن تكون واعيا بهذا وأن تنأى بنفسك وبنظامك على كل ما من شأنه إغضاب الشرفاء المغاربة وأن تقوم بعملية ” la mise à jour” لنظرتك إلى المغرب والمغاربة ، أو تعلن اصطفافك في صف الجزائر وصنيعتها البوليساريو وتعاكس مصالح المغرب وتتحمل بعد ذلك التبعات والتي لن تضر المغرب في شيء بل سوف تكون وبالا على موريتانيا والموريتانيين الأشقاء اجتماعيا واقتصاديا وتنمويا وأمنيا..