ونحن على مشارف نهاية النصف الأول من ولاية مجلس جماعة بني حرشن ، الذي لا يمكن اعتباره إلا امتدادا للمجالس السابقة التي تعاقبت على الجماعة منذ نصف قرن، أي منذ بداية اشتغال هذا المرفق العمومي منتصف سبعينيات القرن الماضي، فإننا كمتتبعين للشأن العام، لا يسعنا إلا نتأسف غاية الأسف، على تبذير سنوات من الزمن التنموي، بسبب كائنات انتخابوية، لا يربطها رابط بالعمل السياسي النبيل، ولا يجمعها بجسامة مسؤولية تدبير الشأن العام جامع، خلا ما يعود على هذه الكائنات الانتخابية من منافع.
فلا جديد يلوح في الأفق على مستوى التنمية، ولا قديم يعاد، كل ما هنالك يمكن إجماله في تفشي ظاهرة التأخر الذهني للمنتخبين المعمرين، وصفاقة المريدين التابعين، الهاربين من مسرحية ” شاهد مشفش حاجة”. وما يؤكد هذا الزعم، هو الحصيلة الصفرية لهذا المجلس، والتي تنضاف للأصفار السابقة، لتكون المحصلة خمسين صفرا، إذا وزعنا الأصفار على عدد سنوات مجلس جماعة بني حرشن.
ذلك أن المواطنين بالجماعة استبشروا خيرا قبيل انتخابات قاسم ولد زروال التي وسمت طبخة 8 شتنبر، وذلك ببروز وجوه جديدة في الساحة، لها حظ من المعرفة، ونصيب من التجربة، والانشغال بالشأن العام، والشأن العام المحلي بخاصة، ورغبة صادقة، خالصة لوجه الله، للإسهام في تحريك عربة التنمية بالمنطقة، عربة متوقفة منذ نصف قرن. ويكفي أن تزور سوق جماعة بني حرشن، لتدرك أن الناس هناك، على مستوى البنية التحتية لا زالوا يعيشون في سبعينيات القرن الماضي، وربما كان ماضي بني حرشن أفضل بكثير من حاضرها.
ومع كل ذلك راهن ويراهن الناس على أي شمعة توقد وسط عتمة الجهل والمكر والخداع، لعلها تقاوم النكوص والتردي على كل المستويات. نكوص وتاخر وتخلف عن الركب الحضاري، لم يعد خفيا على أي جهة أو جهاز ومؤسسة، بل صارت تمشي بذكره الركبان، رغم أن هؤلاء- أي الركبان- نفسهم من يصوت الذين للمخادعين، الافاكين، جهابذة الجهل بتدبير الشان العام، أميو العمل السياسي والمدني، أو إن شئت قل: أميون مخادعون وكفى.
ولعل ما يقع بجماعة بني حرشن من عبث وشطط في التدبير والتسيير، وغياب كلي لإرادة سياسية حقيقية لخدمة الساكنة، ينسحب على جل، إن لم نقل كل الجماعات الترابية، قروية وحضرية، تسيرها أحزاب الإدارة، أحزاب لا يشغل المنتسبين إليها، المتلونين المتنقلين بين دكاكينها، غير خدمه مصالحهم الذاتية، ومصالح عيالهم ومن يدور في فلكهم من المنتفعين والمتزلفين.
وإن هذا الوضع المزري وهو يتفاقم اقتصاديا واجتماعيا، وأمام زيادة منسوب الاحتقان، واتساع رقعة التفقير والهشاشة والتهميش، في ظل غياب كلي لتفعيل مبدأ ربط المسؤولية بالمحاسبة، فإن المآلات ستكون سيئة، وعواقبها صعبة على الزمن التنموي المهدور، بسب الخلل والانحطاط الأخلاقي للفاعل السياسي، في ظل مقاربة الصمت والتغاضي التي يتعامل بها الفاعل الترابي في علاقتة بالمكونات والكائنات الانتخابوية.
وإن العاقبة لسيئة، سنكتوي بلظاها جميعنا إن لم نتحمل كامل مسؤولياتنا، وننخرط فعليا في معركة التصدي للنكوص الحقوقي، والتردي السياسي والاقتصادي والاجتماعي، وذلك عبر تتبع ومحاسبة الكائنات الانخابية التي صادرت المؤسسات وأفرغتها من محتواها، ودنست العمل السياسي وأساءت لفاعليه كما أساءت لباقي مؤسسات الدولة.