أعاد مقتل الطفل عدنان بوشوف الذي شغل بال ملايين المغاربة بسبب اختفائه في ظروف غامضة، (أعاد) النقاش مرة أخرى حول عقوبة الإعدام، بين داع لتطبيق العقوبة ورافض لها، ولعل أبرز الأصوات التي نددت بتطبيق الإعدام هو الناشط الأمازيغي أحمد عصيد.
فمع تمكن المصالح الولائية من فك خيوط قضية طفل طنجة عدنان والعثور على جثته مدفونة بالقرب من منزله، تعالت أصوات الكثير من المغاربة للمطالبة بتنزيل عقوبة الإعدام في حق الجاني، وذلك نظرا لهول وفظاعة الجريمة.
هذه المطالب ستزعج الباحث المغربي أحمد عصيد، حيث سيهاجم المطالبين بالقول “المطالبون بإعدام وحش طنجة لا يقلون وحشية وعنفا عن الجاني”، وقال الباحث المغربي على صفحته في موقع الواتصل الاجتماعي فايسبوك “أن المجتمع ليس من مهامه نصب المشانق وإصدار الأحكام بل هي مهمة القضاء” داعيا إلى فتح نقاش أكثر جدية في هذا الموضوع وكذا حول ظاهرة العنف ضد الأطفال.
واعتبر أحمد عصيد أن “على الذين يتعجلون حكم الإعدام أن يعلموا بأن أكثر الدول تنفيذا له مثل إيران والصين والولايات المتحدة هي التي ما زالت تعرف أكبر نسب انتشار الجرائم الفظيعة”. مضيفا أن هذا معناه أن الذين يطالبون بهذا الحكم لا يقصدون أكثر من التنفيس عن مقدار الغيظ والعنف الكامن في دواخلهم، والذي ليس حلا للمشكل الذي نواجهه،حسب تعبيره.
وفي ذات السياق قال الدكتور الشيخ عصام البشير المراكشي أننا “نحن في بلد ينصَ دستوره على أن الإسلام دين الدولة الرسمي، فعلينا أن نذكّر بأن إلغاء عقوبة الإعدام مصادِم للقرآن والسنة والإجماع القطعي، ولمقاصد الشريعة الكلية”، وأضاف في تصريح لجريدة “الواضح24″ “الغربيون أنفسهم مختلفون حول الموضوع. وفي فرنسا مهدِ الحريات التنويرية، صار 51% من الفرنسيين مع عقوبة الإعدام (استطلاع إيبسوس 2018). فهل نِصفُ الفرنسيين متوحشون كما يزعم بعضهم، أم أنهم صاروا يحنّون إلى العقوبات الرادعة للإجرام المتزايد؟”.
وفي رده على الرافضين لعقوبة الإعدام يقول المراكشي “من تناقضات الحقوقيين حديثُهم عن “الحق في الحياة” مع عتاة المجرمين، وتناسيهم هذا الحق في الإجهاض وهو قتل نفس بريئة، ولو في الشهر التاسع من الحمل، لأسباب نفسية-اجتماعية (psychosociales) كما قرره البرلمان الفرنسي قبل نحو شهر!”.
وفي الجواب على سؤال هل الإعدام لوحده يكفي؟ يقول الدكتور المراكشي “لا نقول إن الإعدام وحده يكفي لمواجهة الإجرام، بل لا بد من إجراءات عميقة أخرى، تربِّي وتُصلِح وتَحمِي من السُّعار الإجرامي الذي أنتجته الحضارة الحديثة”، مشيرا إلى أن “الطابع الزجري للإعدام لا يمكن أن ينازع فيه عاقل. والمقارنة بين الدول التي تطبقه والتي لا تطبقه في نِسَب الجرائم، ينبغي أن يكون مع التساوي في المعايير الأخرى، وإلا كانت مقارنة مختلة، “هذا واعتبر المتحدث ذاته أن ” خطأ التطبيق لا يعني خطأ النظرية. فاستغلال القضاء الفاسد هذه العقوبة لملاحقة بعض الأبرياء خلل تطبيقي، يوجد نظيره في المنظومة العقابية كلها. فهل تُلغَى العقوبات الجنائية كلها لسوء استعمالها؟“.