عاد ملف أمانديس مرة أخرى إلى الواجهة ليثير الكثير من القلائل ويقض مضجع الطنجاويين والطنجاويات، بعدما عمدت الشركة المفوض لها تدبير قطاع الكهرباء والماء الصالح للشرب، إلى الرفع من تكلفة الفواتير المتعلقة بأشهر الحجر الصحي، في الوقت الذي كان فيه اهتمام المغاربة منصب على تداعيات فيروس كورونا، والتعايش مع حالة الطوارئ التي أعلنت منذ 20 مارس المنصرم، وهو ما أدى إلى توتر جديد بين الشركة الفرنسية والمواطن المغربي الذي لم يستسغ توصله بفواتير باهظة التكلفة تساوي أضعاف الفواتير الماضية التي كان يتوصل بها .
ضعف في التقدير
بعدما توصلت الشركة المكلفة بتدبير قطاع الكهرباء والماء الصالح للشرب بقرار من وزارة الداخلية يقضي بمنع مرور قارئي العدادات على المنازل في فترة الحجر الصحي، وهو القرار الذي أوقعهم في ارتباك، إذ عمد مسؤولو أمانديس إلى اتخاذ قرار سيجلب لهم الكثير من المتاعب فيما بعد، يتمثل في وضع تقديرات خاصة في صياغة الفواتير المتعلقة بأشهر مارس وأبريل وماي وذلك بسبب عدم استجابة المواطنين لطلب الشركة الرامي إلى قراءة الزبائن لعداداتهم، وإرسال الرقم إلى مصلحة الزبناء عبر الموقع الالكتروني المخصص لذلك، هذا التقدير الذي أقرته الشركة لم يكن إلا أضعاف التكلفة التي كان يتلقاها الزبائن في الأشهر الماضية، الأمر الذي أثار حفيظة والسخط المستهلكين من جديد على هذه الشركة التي باتت العدو الأول للشارع الطنجاوي .

المجتمع المدني يتحرك
بعد توصل الزبائن بفواتير أثقلت كاهلهم، وشروع أصحاب المقاهي والمطاعم في التظلم عبر رسالة وجهتها الجمعية الوطنية لأرباب المقاهي والمطاعم إلى مدير شركة أمانديس، وذلك بعد تفاجئها بالارتفاع الصارخ في فواتير الماء والكهرباء خلال أشهر الحجر الصحي، وهي الفترة التي كانت فيها هذه المحلات مقفلة بسبب قرار صادر عن وزارة الداخلية بتاريخ 16 مارس من العام الجاري، دخل المكتب المركزي لرابطة الدفاع عن المستهلك على الخط، حيث راسل المكتب رئيس الحكومة المغربية يطلب منه التدخل العاجل لحل هذه الأزمة المتمثلة في الارتفاع الصارخ للفواتير عبر إجراءات استثنائية تعمد على الاعتماد على تعريفة استثنائية طيلة هذه السنة والاقتصار على تعريفة الشطر الأول والشطر الثاني، مع إلغاء باقي الأشطر على صعيد كافة الخدمات “الماء والكهرباء والخدمات”.
وفي هذا الصدد قال نائب رئيس جمعية الدفاع عن حقوق المستهلكين، أن ما يحدث مؤخرا من احتجاج لأرباب المقاهي والمطاعم والكثير من المستفيدين من هذا المرفق العام، سببه الأساسي غياب مراقبة حقيقية من قبل الجماعة الحضرية التي تخلت عن صلاحيتها في تتبع ومراقبة وزجر الشركة الفرنسية .
وأضاف الفاعل الجمعوي بمدينة البوغاز للواضح 24 أن غياب المراقبة من طرف الجهة الوصية هو الذي دفع أمانديس إلى التلاعب في التقديرات الخاصة بالأشهر الثلاثة الماضية، ليتساءل المتحدث نفسه “كيف يعقل أن المقاهي والمساجد تتوصل بفواتير ملتهبة التكلفة، في حين أنها كانت مغلقة لما يقارب 3 أشهر، واعتبر “أن ما تفعله أمانديس يعد تنصلا من الاتفاقية التي تربطها مع الجماعة”.
وفي نفس السياق طالب عمر ابن عجيبة رئيس جمعية “المواطنة المسؤولة” الأطراف المتدخلة في موضوع التزويد بمادتي الماء والكهرباء من منتخبين وسلطات سواء على الصعيد المحلي والوطني بالتدخل من أجل عقلنة عملية الفوترة التي عادت لتخرج مرة أخرى عن إطارها المعقول، بعدما استنكر العديد من المواطنين غلاء الفواتير التي توصلوا بها في فترة الحجر الصحي.
ودعا المتحدث ذاته في اتصال مع الواضح 24 جماعة طنجة وكذا ولاية طنجة تطوان الحسيمة التشدد في المراقبة والتتبع مع هذه الشركة وهو الأمر الذي تم اغفاله من قبلهما، وأضاف قائلا إلى أنه ينبغي دعم الأسر المعوزة غير القادرة على الأداء من صندوق كوفيذ الذي يفترض أنه أحدث لهذا الغرض.
وأضاف ابن عجيبة أن جمعيته تعتزم مراسلة رئيس الحكومة في هذا الشأن وهي الخطوة التي تقررت في مجموعة فيسبوكية أنشأت لهذا الغرض، وأضاف المحامي بمدينة طنجة أن هذه المراسلة سيشرك فيها حميع الفاعلين السياسيين والمدنيين.

المعارضة والأغلبية تتفقان على عقلانية التعامل
نائب العمدة الأول محمد أمحجور والقيادي بحزب العدالة والتنمية كعادته كان حذرا في تصريحه للواضح 24، إذ أكد على أن غياب قراءة العدادات من طرف الشركة يرجع لدورية أصدرتها وزارة الداخلية والتي عممت على هذا القطاع ككله ولم تختص أمانديس لوحدها، كما أشار الرجل الثاني في الجماعة الحضرية لمدينة طنجة، إلى ضرورة التمييز بين الاستهلاك المتعلق بالزبائن والاستهلاك المتعلق بالمهنيين، كما نبه إلى أن بعض أرباب المحلات يضعون عدادات مشتركة بين محلاتهم وموطن سكنهم الأمر الذي يضخم من قيمة الفاتورة، ولكن بالمقابل قال المتحدث ذاته أن كل متضرر من لهيب أسعار أمانديس عليه التوجه إلى الجماعة وهذه الأخيرة ستقوم بالإجراءات الضرورية واللازمة.
ودعا بلخيضر أمانديس للانخراط في المعركة التي يخوضها المغاربة مع وباء كورونا وذلك عبر إجراء استثنائي يتجلي في تجزيء فواتير أشهر الحجر الصحي على باقي الأشهر القادمة وذلك بعد إعادة تصحيحها وإلغاء التقديرات التي اعتمدتها الشركة والتي اعتبرها تضر بالمواطن.
قرار حكومة بنكيران يجدد الغليان
في الوقت الذي يتهم فيه مواطنون الشركة الفرنسية أمانديس بالتلاعب في الفواتير عبر وضع تقديرات خيالية دون قراءة العدادات، فإن مراقبين ربطوا الغليان والتذمر الذي يعيشه المواطن الطنجاوي بالقرار الذي اتخذته حكومة السيد عبد الإله بنكيران والقاضي بالزيادة في أسعار الماء والكهرباء وهو القرار ذاته الذي تسبب بطريقة غير مباشرة في احتجاجات طنجة التي أطلق عليها في وقت سابق بانتفاضة الشموع، أمام هذه العودة المتجددة لملف أمانديس بين كل وقت وحين، يظل السؤال مطروحا من يوقف جبروت هذه الشركة ؟.