في الوقت الذي يفترض فيه أن تبذل السلطات والمنتخبون والمسؤولون بمختلف درجاتهم وقطاعاتهم أدوارا طلائعية للنهوض بالجانب البيئي بأسفي، خاصة جنوبه القريب من المركب الكيماوي ومعمل الطاقة الحرارية، وحيث تتواجد المدرسة الأيكولوجية “الباهية” الابتدائية مسرح جريمة بيئية كاملة الأركان، بعدما تم اجتثاث وقطع أزيد من 19 شجرة (كاليبتوس، توت…) يفوق عمرها أزيد من 40 سنة، كانت تزين ساحة المؤسسة ويتضلل بها التلاميذ خلال فترة الاستراحة، وبعد ذلك تم حرق الجذور كمحاولة لطمس معالم هذه الجريمة البيئية الشنعاء، ثم تحميلها في شاحنات، وبيعها إلى أحد الأفران بالمنطقة، دون سلك الإجراءات القانونية ذات الصلة المتمثلة في ضرورة الحصول على ترخيص بالتشذيب وليس القطع، ثم إشراك مجلس التدبير، وإجراء مناقصة لبيع الأغصان المشذبة… إلى غير ذلك من المساطر الإدارية والقانونية الواجب اتباعها بهذا الخصوص.
وبعد أن تقدم أساتذة النادي البيئي بالمؤسسة بشكاية شفهية في الموضوع لدى المدير الإقليمي للتعليم بأسفي إثر زيارتهم لمكتبه، أعقبتها شكاية كتابية ثم وضعها لدى كتابة ضبط المديرية وذلك مع بداية الشروع في عملية القطع التي دامت لأيام، والتي كان بالإمكان توقيفها في حينه لو تحرك المدير الإقليمي في حينه طبقا للصلاحيات المخولة له.
لكن، وعكس منطوق المذكرات الوزارية والتوجيهات الملكية ذات الصلة بالمجال البيئي، أصر السيد المدير الإقليمي على الوقوف موقف المتفرج العاجز إلى أن حين استكمال مهمة الإجهاز على تلك الأشجار التي كانت ثمرة مجهودات مضنية مبذولة من لدن تلاميذ وأساتذة النادي البيئي الذين ضحوا بأوقاتهم وكذا بجيوبهم، وكل ما قام به السيد المدير الإقليمي هو إيفاد لجن مديرية مختلفة إلى المؤسسة من أجل هدف واحد ووحيد، وهو محاولة إقناع أساتذة النادي البيئي على عقد صلح مع مدير المؤسسة، وكأنما الأمر يتعلق بخلاف حول إرث شخصي، وليس حول جريمة بيئية نكراء لو وقعت في إحدى الدول الديمقراطية لأسقطت رؤوسا في الحكومة وتقدموا من تلقاء أنفسهم للعدالة.
وجذير بالذكر أن الفصل 597 من القانون الجنائي ينص على أنه من أتلف مزروعات قائمة على سوقها أو نباتات نمت طبيعيا أو بغرس الإنسان، يعاقب بالحبس من سنتين إلى خمس سنوات وغرامة من 200 إلى 250 درهما عن كل شجرة، بشرط ألا يتجاوز مجموع عقوبات الحبس خمس سنوات.
فهل تعتبر لامبالاة المدير الإقليمي للتعليم بأسفي تحقيرا للقانون الجنائي المغربي؟
أم تراه متورط بشكل من الأشكال في الموضوع، خاصة أنه يروج في الأوساط التعليمية بأنه أخبر مدير المؤسسة بموافقته الشفهية ثم انقلب عليه لما انفضحت الأمور؟
أين هي المندوبية السامية للمياه والغابات مما يقع من جرائم بيئية بمؤسسة الباهية المستفيدة من الدعم باعتبارها مدرسة أيكولوجية؟
هل يمكن اعتبار صمت السيد مدير الأكاديمية الجهوية للتربية والتكوين بجهة مراكش أسفي عن هذه التجاوزات الخطيرة بمثابة تستر وغطاء واق السيد المدير الإقليمي في تعارض خطير مع الدستور والقوانين ذات الصلة؟
أين هو دور عامل إقليم أسفي في حماية الفضاء البيئي باعتباره وصي إقليميا على الشأن التعليمي، وتماشيا مع التوجيهات الملكية التي تولي عناية خاصة بالبيئة في ظل التقلبات المناخية التي يعرفها العالم؟
ما دور المنسق الوطني لبرنامج APT2C على مستوى وزارة التربية الوطنية والتعليم الأولي والرياضة الذي يعنى بمحاربة السلوكيات المشينة بالوسط المدرسي، وكذا تشجيع الحياة المدرسية بالمؤسسات التعليمية؟
ما دور جمعيات آباء وأمهات وأولياء أمور التلاميذ بهذا الخصوص، أم إن دورهم ينحصر فقط في استخلاص واجبات الاشتراك دونما فعل مؤثر لمصلحة التلاميذ؟
أين هي الجمعيات الحقوقية وهيئات المجتمع المدني؟ أم تراها صمت آذانها وأخرست ألسنتها لكون المتورطين من بني جلدتهم وأصحابهم؟
هل سيتحرك السيد الوكيل العام للملك لدى محكمة الاستئناف بأسفي لفتح تحقيق عاجل حول الموضوع؟
أسئلة وأخرى ينتظر الرأي العام إجابات عنها، وترتيب الجزاءات اللازمة طبقا للقانون، وتفعيلا للمبدأ الدستور القاضي بربط المسؤولية بالمحاسبة.