أمام الهيكلة الجديدة المرتقبة لوزارة التربية الوطنية والتعليم الأولي والرياضة، يثار من جديد الجدل حول معايير التعيين في المناصب العليا، خاصة في ظل وجود أسماء ارتبطت بصياغة أنظمة أساسية ثبت فشلها ومحدودية نجاعتها، ومع ذلك ما تزال في مواقع المسؤولية والمساهمة في صنع القرار.
من بين هذه الأسماء، مدير الشؤون القانونية والمنازعات، الذي كان طرفًا رئيسيًا في صياغة النظام الأساسي لسنة 2003، وهو النص الذي ظهرت هشاشته بعد فترة قصيرة، مما استدعى تعديله عدة مرات لمعالجة الثغرات التي تضمنها، والتي ألحقت ضررًا بفئات واسعة من الأسرة التعليمية، مما تمخض عنه احتجاجات متتالية على مدار سنوات.
ولم يتوقف الأمر عند هذا الحد، بل كان أيضًا أحد المشاركين في إعداد الصيغة الأولى للنظام الأساسي لسنة 2023 التي فجّرت احتجاجات غير مسبوقة داخل القطاع، واضطرت الوزارة إلى تجميدها بعد موجة الغضب العارمة التي اجتاحت الشغيلة التعليمية، ومع ذلك لم يظهر هذا المسؤول أي موقف أو رأي خلال الاجتماعات التي باشرتها الوزارة مع النقابات التعليمية إبان الحراك التعليمي، واكتفى بدور المتفرج رغم مسؤوليته المباشرة في صياغة الوثيقة المثيرة للجدل.
واللافت أن شريكه في هذه “الأزمة”، المدير السابق لمديرية الموارد البشرية، وجد نفسه في مواجهة مباشرة مع التداعيات غير المسبوقة واضطر إلى طلب الإعفاء، بينما ظل مدير الشؤون القانونية والمنازعات في موقعه، دون أن يتحمل أية مسؤولية عن الفشل الذي كان طرفًا أصيلًا فيه، مما يطرح معه تساؤلات حول تعدد الأوجه في التعامل مع تداعيات هذه الاختلالات، خاصة أن هذا المسؤول لم يسبق له أن اعتمد مقاربة تشاركية في إعداد النصوص القانونية على مستوى المديرية التي يترأسها، مما أدى إلى صدور عدة قرارات تشوبها ضبابية وارتباك ونواقص كثيرة تحملت تبعاتها الوزارة.
أما مساره المهني، فلطالما أثار استغراب المتابعين، حيث حظي بترقيات متتالية وسريعة في الدرجة بعدما تم منحه نقط امتياز عن المسؤولية ورغم وجود كفاءات أعلى منه على المستوى العلمي والأكاديمي، إذ يحمل بعض أطر الوزارة شهادات الدكتوراه في القانون، بينما لم يتجاوز مستواه الدراسي الإجازة، الشيء الذي يطرح إشكالية حقيقية حول المعايير المعتمدة في التعيينات، خاصة في مناصب حساسة تستدعي كفاءة علمية ومهنية عالية.
ومع الإعلان المرتقب عن الهيكلة الجديدة للوزارة، يصبح السؤال مطروحًا بحدة: هل ستكرّس الوزارة نهج المحاباة في التعيينات، أم إنها ستعتمد على معايير الكفاءة والنجاعة، خصوصًا في منصب مديرية الشؤون القانونية والمنازعات الذي يحتاج إلى مسؤول قادر على ضمان دقة وفعالية التشريعات المنظمة للقطاع؟
وهل ستقطع الوزارة مع منطق الولاءات والمصالح الضيقة، أم ستظل حبيسة حسابات لا تخدم الإصلاح المنشود؟