كشفت السياسة التي ينهجها المجمع الشريف للفوسفاط في تعامله مع المناطق الفوسفاطية، عن وجود مدن مدللة وأخرى مهمشة لدى المؤسسة الفوسفاطية.
وتتضح النتائج الصادمة من خلال واقع مدينتين لا يفصل بينهما سوى 60 كيلومترا، ويتعلق الأمر بمدينتي ابن جرير واليوسفية.
وإذا كانت مدينة ابن جرير هي المدينة المدللة لدى المجمع الشريف للفوسفاط، بعدما خصص لها أموالا لإصلاح بنيتها التحتية، ولبناء مرافق حيوية، وللاهتمام بجماليتها، فإنه بالمقابل ولى ظهره عن واقع مدينة اليوسفية، ورفض أن يرد الجميل إلى مدينة استنزف ثروتها الترابية، وفرشتها المالية، وعرضها للنسيان والإهمال، وهذا ما يتجلى من خلال عجزه عن تنفيذ العديد من المشاريع التي كان قد التزم بها.
وباعتبار أن مدينة اليوسفية تعد أول مدينة مغربية أنتجت الفوسفاط، وهي واحدة من أكبر المناطق التي منحت أراضيها للمجمع الشريف للفوسفاط لاستخراج أطنان من الفوسفاط على مدار سنوات خلت، إلا أن سخاءها هذا لم يرد عليه قطاع الفوسفاط سوى بالجحود، خاصة وأن حجم الأطنان التي تم استخراجها من باطن الأرض، لا يتلاءم البتة مع مشاريع وإصلاحات معدودة أشرفت المؤسسة الفوسفاطية على إحداثها.
المجمع الشريف للفوسفاط التزم بتهيئة الأحياء الفوسفاطية، لكنه أخلف الوعد، بل الأكثر من ذلك فإنه تملص شيئا فشيئا من مسؤوليته اتجاه هذه الأحياء، إلى أن رمى بها في يد المجلس البلدي، حيث سيجد الأخير نفسه مسؤولا ومدبرا لإنارتها العمومية، ونظافة أحياءها، فيما انسلت المؤسسة الفوسفاطية من المدينة دون تحمل مسؤولية.
وإذا كانت مدينة اليوسفية في أمس الحاجة إلى رعاية المجمع الشريف للفوسفاط، باعتبارها حاضرة فوسفاطية، فإن هذا الأخير رد التحية إلى اليوسفية بأسوأ منها، وهذا ما يتجلى من واقع الطريق الرئيسية التي تؤدي إلى منطقة بوشان، والتي أضحت حالتها مزرية بسبب شاحنات من الحجم الكبير تقل الفوسفاط بشكل يومي، غير أن المجمع الشريف للفوسفاط رفض لحد الآن إصلاحها، بعدما باتت تشكل خطرا على السائقين.
مسؤولية المجمع الشريف للفوسفاط قائمة في تضرر عدد من المجالات بمنطقة اليوسفية، وأولها الفرشة المائية التي تعرضت للاستنزاف، مرورا بالتلوث البيئي وانعكاساته على صحة ساكنة المنطقة، ولا ينتهي عند الآبار المهجورة والتي تشكل خطرا على المارة، وبما أن الأضرار لها امتدادات طويلة ولا تنحصر مع الزمان أو المجال، فإن خلاصة القول هي أن المجمع الشريف للفوسفاط قتل اليوسفية، ومشى في جنازتها.