شهادة السلامة النفسية شرط للترشح للانتخابات: ضرورة أم رفاهية؟
في السنوات الأخيرة، بدأ النقاش في المغرب يتوسع حول ضرورة تطوير القوانين الانتخابية بما يضمن شفافية أكبر، ويُحصّن موقع المسؤولية العمومية من كل أشكال العبث أو الارتجال. ومن بين النقاط الحساسة التي يطرحها هذا النقاش، مسألة السلامة النفسية والعقلية للمترشحين.
فلا يخفى على أحد أن المرض النفسي لم يعد في الدول المتقدمة وصمة عار أو سبّة، بل هو أمر عادي يتم التعامل معه بالعلاج والمتابعة الطبية كما هو الحال مع أي مرض عضوي آخر. لكن، في المقابل، تحمل المسؤولية العمومية، خصوصاً في مواقع القرار الكبرى، يفرض أن يكون المترشح في كامل قواه العقلية والنفسية، لأن القرارات التي يتخذها لا تخص حياته الخاصة وحدها، بل تمس حياة المواطنين ومصالحهم اليومية.
حسن الحداد “أبو ياسر”
ولذلك، قد يكون من المفيد – ونحن نناقش تعديل القوانين الانتخابية – أن يُضاف شرط جديد للترشح: الإدلاء بشهادة طبية تثبت السلامة النفسية والعقلية. ليس من باب التمييز أو الوصم، بل من باب الحرص على سلامة التدبير العمومي وضمان أن من يتحمل المسؤولية قادر فعلاً على القيام بها دون ارتباك أو انزلاقات قد تضر بالمصلحة العامة.
فالمنطق بسيط: كما يُشترط توفر شهادة حسن السيرة أو مستوى دراسي معين، أليس من الأجدر أن نضمن أيضاً أن الشخص الذي سيتحمل أمانة القرار العمومي مؤهل نفسياً وعقلياً لذلك؟
إن إقرار مثل هذا الشرط لن يكون موجهاً ضد أحد، بل سيكون خطوة نحو تعزيز ثقة المواطن في ممثليه، وتحصين المؤسسات من كل ما يمكن أن يسيء إليها. فالمسؤولية العمومية ليست مجرد منصب شرفي، بل هي تكليف ثقيل لا يحتمل التجريب ولا العشوائية.