شبكة سماسرة يتزعمها شقيق صراف معروف بتطوان تبسط نفوذها على المزادات العلنية بالمحكمة التجارية بطنجة
فجرت جلسات المزادات العلنية بالمحكمة التجارية بطنجة غضب المشاركين، بعدما صارت تحت رحمة شبكة من السماسرة، الذين بسطوا نفوذهم وسيطرتهم على عمليات المزاد العلني، عبر توظيف أساليبهم التي تذبح منطق المنافسة الشريفة.
وتحول بعض الأشخاص النافذين إلى أخطبوط متحكم في إيقاع أثمنة العقار المعروض للبيع بفضاء المحكمة التجارية بطنجة، حيث تسود الاختلالات والتجاوزات، التي تنخر عملية البيع، وتصيب النزاهة وتكافؤ الفرص في مقتل.
وفي هذا السياق، أفادت مصادر متطابقة أن هذه الشبكة تنشط بشكل منظم داخل المحكمة، مستعملةً أساليب غير قانونية تُمكّنها من الاستحواذ على عقارات بأثمنة زهيدة، وتقوم الخطة، وفق المصادر نفسها، على توظيف شخص يُعرف في الأوساط باسم “أرنب السباق”، يتولى رفع سعر العقار عمدًا في البداية لدفع المشاركين الحقيقيين إلى الانسحاب، قبل أن يتدخل أفراد الشبكة لاحقًا لاقتناء العقار بثمن منخفض.
ولا تقف التجاوزات عند حدود التلاعب في الأسعار، بل تمتد إلى الترهيب والابتزاز داخل قاعة المزاد، حيث يُجبر بعض المشاركين على دفع مبالغ مالية مقابل السماح لهم بالمشاركة أو ضمان انسحاب الشبكة من المنافسة.
كما تُمارس هذه الشبكة ضغوطا على بعض الموظفين، وصلت في حالات معينة إلى التهديد بفضحهم عبر أحد النشطاء الانفصاليين المقيمين بالخارج، في محاولة لإسكاتهم والتغطية على الأنشطة المشبوهة.
ورغم الطابع العلني لجلسات البيع بالمحكمة التجارية، إلا أن تحركات هذه الشبكة باتت معروفة داخل أروقة المحكمة، حيث لم تعد ممارساتها خافية على أحد، بما في ذلك المسؤولون القضائيون المشرفون على السير العادي للمزادات. وتثير هذه الوضعية تساؤلات واسعة حول أسباب استمرار هذه الخروقات، ومصادر القوة التي تستمد منها الشبكة نفوذها داخل فضاء من المفترض أن يُجسد قيم الشفافية والنزاهة القضائية.
وتشير المعطيات إلى أن زعيم هذه الشبكة هو شقيق صراف معروف بمدينة تطوان، سبق أن صدرت في حقه قرارات تمنعه من دخول قاعة البيوعات القضائية هناك، بعد شبهات بتورطه في عمليات مشبوهة تتعلق بتبييض أموال قادمة من شبكات الاتجار في المخدرات، وبعد تضييق الخناق عليه بتطوان، انتقل إلى طنجة لمواصلة نشاطه، حيث اشترى مقهى وسط المدينة جعله مركزًا لاجتماعاته وتنسيق عمليات السيطرة على المزادات، بل وامتد نشاطه إلى مدن أخرى مثل مراكش.
تجذر الإشارة أن وزير العدل عبد اللطيف وهبي قد أكد في وقت سابق، خلال مناقشة مشروع قانون المسطرة المدنية بمجلس النواب، أن الوزارة عازمة على وضع حد لما سماه “تغوّل سماسرة المزادات العلنية”، معتبراً أن “المالكين الحقيقيين هم أكبر المتضررين من هذه الشبكات التي تتقاسم الغنائم في ما بينها وتحوّل قاعات المحاكم إلى أسواق مغلقة لا تخضع لقواعد الشفافية والمنافسة الشريفة”.