طنجة.. الأمن يتدخل بحزم بعد شجار عنيف بين باعة متجولين بحي بن كيران
شهد حي بن كيران المعروف شعبيًا بـ”حومة الشوك” بمدينة طنجة، مساء أمس الاثنين، حالة من الفوضى والعنف بعدما دخل عدد من الباعة المتجولين في شجار عنيف تطور إلى تبادل الضرب والجرح باستعمال أدوات مختلفة، في مشهد وثقته مقاطع فيديو انتشرت بسرعة عبر منصات التواصل الاجتماعي، وأثارت قلق الساكنة وتعليقات واسعة من الرأي العام المحلي.
وبمجرد تداول المقطع المصور، تفاعلت المصالح الأمنية التابعة لولاية أمن طنجة بسرعة وجدية، حيث باشرت عناصر الدائرة الأمنية العاشرة أبحاثها الميدانية لتحديد هوية المتورطين في الواقعة. وتمكنت التحريات من الوصول إلى أربعة أشخاص يزاولون نشاط البيع المتجول في المنطقة، ليتبين أن خلافًا نشب بينهم بسبب التنافس على مكان عرض السلع بالشارع العام، سرعان ما تحول إلى مواجهة مباشرة استعملت فيها العنف الجسدي.
ووفق المعطيات الرسمية، فقد تعرض أحد الباعة المتجولين لاعتداء من طرف ثلاثة آخرين، بعدما رفض إخلاء مكان كان يعرض فيه بضاعته. المشادة الكلامية لم تلبث أن تحولت إلى عراك بالأيدي وبأدوات بسيطة استعملها الأطراف في المواجهة، ما أدى إلى إصابته بجروح متفاوتة الخطورة، قبل أن تتدخل عناصر الأمن التي تمكنت من توقيف جميع المتورطين.
وبناءً على تعليمات النيابة العامة المختصة، جرى وضع ثلاثة من المشتبه فيهم رهن تدبير الحراسة النظرية، في حين تم الاستماع إلى الطرف الرابع الذي تعرض للاعتداء في محاضر رسمية. ومن المرتقب إحالة جميع الأطراف على العدالة فور استكمال المساطر القضائية، للبت في الأفعال المنسوبة إليهم وفق ما يقتضيه القانون.
ويؤكد هذا التدخل الأمني السريع – بحسب مصادر مطلعة – النهج الحازم الذي تعتمده المصالح الأمنية بطنجة في التعامل مع مختلف السلوكيات المهددة للأمن والنظام العام، خصوصًا تلك التي يتم تداولها على المنصات الرقمية وتثير مخاوف المواطنين.
فمجرد انتشار الفيديو كان كافيًا لتسريع وتيرة البحث، ما يعكس وعي السلطات الأمنية بخطورة ترك مثل هذه الوقائع من دون تدخل حازم.
من جهة أخرى، أعاد الحادث إلى الواجهة النقاش حول ظاهرة “البيع العشوائي” بالمدينة، خاصة في الأحياء الشعبية والأسواق المؤقتة، حيث يتقاطع نشاط مئات الباعة المتجولين مع مصالح الساكنة، وسط غياب حلول تنظيمية بديلة تضمن لهم مصدر رزق كريم وتخفف في الوقت ذاته من مظاهر الفوضى في الفضاءات العمومية. ويرى مراقبون أن مثل هذه النزاعات تكشف هشاشة الوضعية الاجتماعية لهذه الفئة، في ظل تزايد الضغط الاقتصادي وغياب فضاءات مؤطرة ومهيكلة.
في المقابل، شددت فعاليات مدنية في تصريحات متطابقة على أهمية استمرار المقاربة الأمنية في التصدي لكل مظاهر العنف بالشارع العام، لكن دون إغفال الجوانب الاجتماعية والاقتصادية التي تفرض البحث عن حلول متوازنة، تراعي احتياجات الباعة المتجولين وتحدّ من فوضى استغلال الملك العمومي.
ويظل الملف مفتوحًا أمام القضاء، الذي سيفصل في مسؤولية المتورطين المباشرة، فيما يبقى التحدي الأكبر هو الحد من تكرار مثل هذه الأحداث التي باتت تتكرر بين الفينة والأخرى في بعض أحياء طنجة.