تعيش مدينة طنجة في صمت على وقع فضيحة خطيرة، تقودها شبكة من بعض المنتخبين والسياسيين والمنتفعين العقاريين، الذين حوّلوا مواقعهم التمثيلية إلى وسيلة للابتزاز والضغط على مسؤولي وموظفي أقسام التعمير بالعمالة والجماعة ومقاطعاتها، مصادر متطابقة كشفت للواضح 24 أن هذه الشبكة تمارس أساليب الترهيب والضغط النفسي، تصل أحيانا إلى التهديد بالإعفاء من المناصب أو “النفي” إلى ما يسمّى بـ”الكاراج”، مستندة إلى علاقاتها النافذة وحضورها داخل المجالس المنتخبة.
فبدل أن يجد مسؤولو التعمير الدعم في تطبيق القانون وردع المخالفين، أصبحوا اليوم في مرمى حملات التشهير والاستهداف الممنهج، فكلما حاولوا التصدي لخروقات في ملفات التجزئات أو المشاريع العقارية المشبوهة، تحركت الهواتف وتناسلت الضغوطات، بين الترغيب والترهيب، وحتى الاتهامات المجانية عبر مواقع التواصل الاجتماعي. والغريب أن هؤلاء المنتخبين يروجون لرواية كاذبة مفادها أن موظفي التعمير يتسترون على البناء العشوائي، في حين أن محاربة هذه الظاهرة هي اختصاص أصيل لرجال السلطة وأجهزة المراقبة، وليس من صلاحيات موظف يشتغل تحت تعليمات إدارية وقانونية دقيقة.
مصادر مطلعة أكدت أن أفراد هذه الشبكة جعلوا من مواقعهم الانتخابية بوابة لممارسة السمسرة في البقع الأرضية والتجزئات السكنية والعمارات، وحين يصطدمون بـ”بلوكاج” في أحد الملفات، يلجؤون إلى أسلوب العصابات: تهديد، ابتزاز، وضغط نفسي على الموظفين الشرفاء، ففي مشهد يعكس كيف تحولت بعض المجالس من فضاء لخدمة المواطنين إلى مجال لتصفية الحسابات والاغتناء غير المشروع.
إن ما يجري بطنجة ليس مجرد انحراف فردي، بل ممارسة خطيرة تمس سمعة المؤسسات وتزرع الفوضى في مجال التعمير، لذلك، بات من الضروري أن تتحرك السلطات الرقابية والولائية لفتح تحقيق حول هذه الشبكات، ووضع حد لمحاولات تطويع الإدارة لخدمة مصالح ضيقة، كما يتعين على الرأي العام أن يدرك أن موظفي التعمير ليسوا خصومًا للمواطن، بل هم في الخط الأمامي لحماية المدينة من العشوائية والتلاعب، وأن معركتهم الحقيقية هي ضد سماسرة العقار المتخفين وراء “الشرعية الانتخابية”.
