بينما يرفع وزير التربية الوطنية والتعليم الأولي والرياضة، محمد سعد برادة، شعار ربط المسؤولية بالمحاسبة ضمن حملته الإصلاحية، يظهر أن هذه الحملة لم تشمل الجميع. فمن تمتع بـ”الحماية” ظل في منصبه، رغم التقارير التي تدينه، بينما طال الإعفاء غير المحظوظين. إذ يُعد محمد أضرضور أبرز مثال لهذا التناقض، حيث أكد تقرير المفتشية العامة للوزارة، تورطه في خروقات تدبيرية جسيمة، نذكر منها على سبيل المثال لا الحصر:
عدم احترام مساطر إبرام الصفقات العمومية.
غموض دفتر التحملات الخاص بالخدمات الأمنية، مما أثر على تنافسية العروض المقدمة.
تأثيره المباشر على مخرجات لجنة طلب العروض رقم 5/E/2015 المتعلقة بصفقة الحراسة، عبر الضغط على بعض الأعضاء لتغيير تقييماتهم لصالح مقاولة EDSN.
ناهيك عن الاحتقان الإداري الذي كانت تعيشه حينئذ أكاديمية جهة الرباط سلا القنيطرة، والمتمثل في:
إبرام صفقات دون تأشيرة مراقب الدولة، كما حدث في صفقات التغذية المدرسية.
اتخاذ قرارات توقيف أو إعفاء دون احترام الضوابط الإدارية.
تسريب وثائق إدارية لأطراف خارج الوزارة.
تراجع التفويض المالي للمديرين الإقليميين واعتماد مركزية مشددة.
عدم تنفيذ بعض الأحكام القضائية.
تعثر ملفات الأداء، مما أثر على مزودي الخدمات.
إذ رغم هذه المعطيات، فلم يطله الإعفاء، بل تمت ترقيته، في حين أُقيل مديرون إقليميون لأسباب أقل خطورة.
فهل منظومة التربية والتكوين بصدد حملة إصلاحية حقيقية أم تصفية حسابات حزبية؟ وهل تستهدف هذه الإعفاءات تصفية الوزارة من غير الموالين للحزب المسيطر؟
أسئلة كثيرة بات الرأي العام يطرحها حول طبيعة هذه القرارات، على غرار: هل يتم تطبيق المحاسبة بانتقائية؟ لماذا استُثني أضرضور رغم تقرير المفتشية العامة؟ هل الولاء الحزبي أصبح معيارًا للاستمرار في المنصب؟ وإذا كان الوزير يؤكد أن الإعفاءات تستند إلى التقارير الرقابية، فلماذا لم يُفعَّل هذا المبدأ مع أضرضور؟
إن ما يجري يهدد أي إصلاح حقيقي للمنظومة التعليمية، إذ تصبح الكفاءة عاملًا ثانويًا أمام الولاء السياسي. فإذا لم يكن الأمر مرتبطًا بحسابات حزبية، فالمطلوب توضيح رسمي من الوزارة حول هذه الانتقائية.
كما أن رئاسة النيابة العامة مطالبة اليوم أكثر من أي وقت مضى بفتح تحقيق حول شبهات الانحياز الحزبي في هذه الإعفاءات وكذا بخصوص المطبخ الداخلي لوزارة برادة، وخاصة ملف أضرضور الذي باتت أسرة التعليم خصوصا والمجتمع المغربي عموما ينتظرون من الأجهزة الرقابية وكذا القضائية أن تضع يدها عليه، من أجل إشاعة الطمأنينة وتأكيد ما جاء في دستور المملكة المتعلق بكون المواطنين سواسية أمام القانون، وإلا فإن الرأي العام سيقتنع بأن الوزارة تُدار بمنطق: “أعفِ من لا يخدم مصالحك، وأبقِ على من يخدم أجندتك!”
